بقلم الأسير/ معمر شحرور
خضر عدنان... ذلك المقاتل العنيد المنفرد... التقيته ذات يوم في البوسطة وهو مضرب عن الطعام وذلك سنة 2018، وكان التعب والإعياء والإرهاق ظاهرٌ عليه... فقد مضى على إضرابه أكثر من 17 يوماً مارست خلالها إدارة مصلحة السجون كل أنواع التنكيل بحق الشيخ لكسر إرادته... إلا أنها لم تنل من عزيمته وإيمانه بعدالة قضيته ومعنوياته العالية وروحه التي كانت متعلقة برب الأسباب...
سألت الشيخ في حينها هل أستطيع أن أقدم لك أي خدمة، فقال لي سلامتك؛ فقط بلغ الجميع أن مطلبي عادل... سألته وما هو مطلبك يا شيخ، فقال لي الحرية... فضحكت وقلت له والله يا شيخ أنا مثلك أحتاج الحرية... عانقته وودعته ودعوت له بالنصر والثبات والتمكين... ثم عدت إلى زنزانتي الضيقة... وسألت نفسي وأنا المحكوم بالمؤبدات عن أي حرية يتحدث الشيخ... أسير إداري يبحث عن حريته ونحن أصحاب الأحكام الخيالية ننتظر أحداً يحررنا أو أن نموت داخل هذه السجون... إنها لمفارقة غريبة عجيبة، ومرت سنوات الأسر علينا طويلة وقاسية ومؤلمة وثقيلة... وفي كل مرة كان الشيخ اسمه مرتبطاً بتحقيق نصر جديد وانتزاع للحرية... وكان يخرج للحرية محمولاً على الأكتاف وتهتف الجماهير له وتبارك انتصاره رغماً عن أنف السجان... لقد أدهشنا هذا الانتصار وهذا العناد من قبل الشيخ سعياً للحرية المسلوبة، فقد كسر خضر بصبره وجلده وصموده دولة العدو وقراراتها الجائرة بحق الأسرى الفلسطينيين الإداريين، وقد رسّخ الشيخ مبدأ أن الإنسان يستطيع أن يكون حراً إذا أراد ذلك، وأن الموت أهون عليه أن يكون بين يدي محتل حقير، واليوم ودعنا الشيخ بعد أن تُرك وحيداً في زنزانة صغيرة مظلمة باردة حقيرة... لم ينصره أحداً...
أراد السجان أن يكسر خضر... إلا أن المقاتل العنيد المنفرد رفض الخضوع والتراجع والانسحاب من المعركة معلناً أن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا... رحل أبو عبد الله وهو مقبل غير مدبر تشكو روحه إلى الله ظلم الظالمين، وخذلان المتخاذلين... رحل وسنفتقد كلمة الحق في بيوت الأسرى والشهداء والجرحى، والذي لم يأل جهداً في نصرتهم... فقد كان سبّاقاً للخير شجاعاً ومقاتل من نوع فريد وخاص لا يعرف الكلل أو الملل أو الاستسلام.
رحمك الله يا شيخ وطبت حياً وميتاً... وبوركت مقاومتنا التي أضاءت سماء فلسطين ثأراً واكراماً لروحك الطاهرة...