فخراً بكن ..
الأسير الكاتب/ سعيد ذياب

المرأة الفلسطينية ليس مجرد توصيف جندري يميز أو يشخص أو يشير ولا تنحصر مترادفات المعاني التي يبعثها المصطلح على فرادَة واحدة بعينها ولا حتى اثنتين، فالدلالات تتوالى وتحضر الكثير من المواقف والصور ما إن تزدان المسامعُ بذكرها، وإذا ما أراد البيان أن ينثرها درراً تكتبها الحروف على استقامات السطور، فهي الأم التي لو كان اللسان ناطقاً بكل شيء؛ لقعدت به الفصاحة عن شرح تمام البطولة في سلوكها لحظة تشييعها لبعض روحها إلى مواقع الحدوث بالرضا، والزغاريد، وقد تكون مدرسته الأولى، التي يحبو في مساحاتها الدافئة، تلقنه أبجدية الحياة، وتمهد له الأرض؛ ليخطو بثبات نحو مسار دنياه الفسيح، وهي الزوجة التي اختارت أن تعقد رباطها المقدس في محراب الفداء لزوج ارتضى أن يكون الوطن عرضه الذي يبنيه أو يحرسه ويفديه إن طلب الثمن إذ ضعفت عن نجدته السياسة وتكالبت عليه سهام الخذلان، وهي لغائبها الأسير دنياه التي ضاقت على اتساعها، وتكتفت بين جدران أربع، وبقيت هي على عهد الوفاء، تمده بأنوار الأمل المنبعث من قلب ينبض حباً ورضاءً وأمان وتحفظ غيبته في نفسها ومالها وولدها لملحمية حقيقية فاقت تفاصيلها كل الأساطير المرسلة من دون تحقيق أو توثيق، وهي الأسيرة التي زاحمت في ميدان الرجولة وعلمت بفطرتها الفلسطينية أنَّ معناها أكبر من أن ينحصر في ذكورة أو تأنيث، وإنما هي فعل فيه من النبل والشهامة والمروءة والشرف والفداء ما فيه من الغيرة والإقدام والتضحية والبذل والعطاء، وبذا فهن الحرائر في قيود لم تأسرهن قطعاً بل أسرت منطق الخَوَر والضعف والاستسلام، وهي السنديانة المعمرة بأرض تحفظ بملامحها ذاكرته وتراثه أهازيج العودة وتترنم بها في صباحات التجلي، وتنقل إرثها للأجيال تحمله بين ضلوعها عن وطن كان يوماً سهلاً من امتدادات السنابل، وبحراً يرسم قبلته على انحناء خارطته الأجمل قبل أن يغدو مستباحاً للطامعين.

هذا بعض ما قد يقال عن المرأة الفلسطينية والكثير الكثير لم يقل بعض، فالمرأة هي فلسطين وفلسطين هي المرأة، وهيهات لأي بلاغة أن تحكيها فعند قدميها تنبض المعاني ويتواضع الكبرياء.




جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020