كلما ذُكر مخيم جنين شمال الضفة الغربية تواردت صور مئات الشهداء والأسرى الذين زينوا أزقته وعبّدوا بنيته بعد أن دمرها الاحتلال ظاهرياً، ولكن في جوهرها ما زالت قوية صلبة بتضحيات أبنائها وعطائهم.
وربما حين اجتاح الاحتلال المخيم وقتل العشرات من خيرة شبابه عام 2003 كان أحمد لا يتجاوز من عمره 12 عاما، فكل الصور مرت أمام ناظريه حقيقة لا يستطيع إنكارها ليكبر بداخله حلم الوطن الجميل الذي يضحي فيه الرجال لأجل حرية أجمل.
الخلوق العنيد
ويقول والد الأسير أحمد القنبع (29 عاما) من مخيم جنين بأنه اعتقل في شهر يناير/ كانون الثاني من عام 2018 بعد تنفيذ الشهيد أحمد جرار عملية قتل حاخام صهيوني غرب مدينة نابلس، حيث يتهمه الاحتلال بالمشاركة في الخلية ذاتها.
وفي بداية الاعتقال لم تعلم العائلة مصير نجلها، حيث تواردت الأنباء عن اعتقاله من محطة وقود كان يعمل بها في جنين، ولكن معلومات أخرى كانت تقلق العائلة بأنه الشهيد الذي اغتاله الاحتلال في منزل عائلة جرار في بداية المطاردة.
ويوضح الوالد لـ مكتب إعلام الأسرى بأنها كانت فترة عصيبة على العائلة فهي لا تعرف عن ابنها شيئا وتظن أنه شهيد ولا يوجد من يؤكد ذلك، حتى تبين فيما بعد أنه معتقل لدى الاحتلال ويخضع لتحقيق عسكري قاسٍ.
ويبين بأن نجله مكث ٥٠ يوما في مركز تحقيق الجلمة سيء الذكر وتعرض لتحقيق قاس خرج منه وهو يعاني من آلام حادة في الظهر ومختلف أرجاء جسده، ولكنه بعد ذلك تعالج بالأعشاب الطبية لدى الأسرى بسبب الإهمال الطبي في سجون الاحتلال.
ويشير أبو أحمد بأنه ما زال موقوفا حتى الآن ولم يصدر حكم بحقه لأنه يرفض التوقيع على الاعترافات الواردة عليه، ولكن مهما كان الحكم فهو حكم الله كما تؤكد العائلة.
ويضيف:" أحمد شاب خلوق وهادئ ومحبوب من الجميع وصاحب نكتة وابتسامة، ولكنه في الوقت ذاته عنيد مع الاحتلال وجريء والبيت موحش من دونه ونشتاق إليه في كل ساعة، هو أكبر أبنائي السبعة وكنت دوما أعتبره يدي اليمنى".
ورغم دراسته تخصص إدارة المستشفيات في الجامعة الأمريكية بمدينة جنين إلا أنه عمل في محطة وقود اعتقل منها، وكان اعتقل لدى الاحتلال لمدة 11 شهرا في عام 2016 .
المنزل المهدد
ورغم ما مر به من تحقيق وتعذيب نفسي وجسدي إلا أن معنوياته عالية ويمد عائلته بها، ومايشهد له في ذلك جرأته في عبارة " مروّح خاوة" الني صدح بها في سجون الاحتلال خلال نقله بين الجنود والتي باتت أيقونة بين الفلسطينيين.
ويوضح الوالد بأن الاحتلال يحاول كسر معنويات نجله عن طريق منع والدته من زيارته منذ عدة أشهر بحجة الرفض الأمني، كما قام بهدم منزل العائلة في شهر نيسان/ أبريل من عام 2018 .
ويقول:" تم هدم منزلنا في مخيم جنين والذي نسكنه مع أبنائنا السبعة ولكن أعدنا بناءه من جديد والآن يحاول الاحتلال أن ينغص علينا، فقام باقتحام المنزل مرتين خلال هذا الأسبوع وتصوير مرافقه دون النطق بشيء وكأنهم يريدون وضعنا في حرب نفسية".
ويؤكد بأن الحجارة ليست أغلى من أحمد الذي لا يعلمون كم ستكون مدة حكمه، ولكن الأمل يصاحبها في كل لحظة أن الله يغير الأمور بين ساعة وأخرى.
ويقبع الأسير في سجن جلبوع، وكان الاحتلال اعتقل شقيقه إسلام في فبراير الماضي وحكم عليه بالسجن لمدة 11 شهرا، كما اعتقل شقيقه أيمن وأفرج عنه.
ويختم والده بالقول:" الله يرضى عليه هو زينة البيت وجوهره ونسأل الله الفرج العاجل له ولكل الأسرى".