من بين شهداء الحركة الأسيرة بعد الحرب أربعة شهداء معتقلين إداريا
كيف حوّلت منظومة الاحتلال جريمة الاعتقال الإداريّ إلى حكم بالسّجن مؤبد؟

قال نادي الأسير الفلسطينيّ، إنّ منظومة الاحتلال الإسرائيليّ، حوّلت جريمة الاعتقال الإداريّ، إلى أشبه ما يكون حكم بالسجن المؤبد، من خلال سرقت أعمار الآلاف تحت ذريعة وجود (ملف سرّي) وإبقاء المعتقل رهناً لهذه الجريمة إلى ما لا نهاية، حيث شكّلت قضية المعتقلين الإداريين أبرز الّتحولات التي رافقت الحرب، بعد أنّ بلغ عددهم حتى بداية شهر كانون الثاني/ يناير 2025، إلى (3376) من بينهم نحو (95) طفلاً و(22) أسيرة، وهذه النسبة تشكّل ما نسبته 32%، من إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال والبالغ عددهم أكثر من 10400. 

وذكر نادي الأسير، إنّ هذه النسبة هي الأعلى تاريخياً، استناداً لعمليات الرصد والتوثيق المتوفرة لدى المؤسسات الحقوقية، علماً أنّ عدد المعتقلين الإداريين بدأ -فعليا- بالتصاعد منذ ما قبل الحرب مع وصول حكومة المستوطنين الأكثر تطرفاً إلى سدة الحكم، واستمر التصاعد حتى وصل إلى ذروته اليوم، هذا ويشار إلى أنّ عددهم بلغ قبل الحرب (1320) معتقلا. 

وكما كافة الأسرى في سجون الاحتلال، يتعرض المعتقلون الإداريون، إلى جرائم ممنهجة وعمليات تعذيب، وتجويع، وجرائم طبيّة، أدت إلى استشهاد عدد منهم، ونذكر هنا إلى أنّه ومن بين الشهداء الذين ارتقوا منذ بدء الحرب وعددهم (54) وهم فقط المعلومة هوياتهم، من بينهم أربعة شهداء كانوا رهن الاعتقال الإداريّ وهم (عمر دراغمة، وسميح عليوي، ومحمد الصبار، ومصطفى أبو عرة)، فلم يكتف الاحتلال باعتقالهم إدارياً، بل عمل إعدامهم بشكل ممنهج، لتشكل هذه الجريمة، جريمة مركبة، وممنهجة بحقّهم مع استمرار احتجاز جثامينهم.

وبالعودة إلى السياق التاريخي، نؤكد أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها لفلسطين، استخدمت جريمة الاعتقال الإداري التعسفيّ، دون تقديم تهمًا أو محاكمة استنادًا على ما تسميه "بالملف السري"، ولا يسمح للمعتقل أو محاميه الاطلاع على الملف، وحسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية فإنه يمكن تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة شهور غالبًا ما يتم تجديدها، ويطال الاعتقال الإداري كافة شرائح وفئات الشعب الفلسطيني من طلبة الجامعات، وصحفيين، ونساء، ونواب سابقين في المجلس التشريعي، ونشطاء حقوق إنسان، وعمال، ومحامين، وأمهات، ومعتقلين سابقين. 

وتتزايد حالات الاعتقال الإداري تحديدًا في فترات الهبات والانتفاضات في الأراضي المحتلة، حيث تلجأ سلطات الاحتلال لاستخدام سياسة الاعتقال الإداري أداة للقمع والسيطرة وترهيب الفلسطينيين، ولا تقتصر سلطات الاحتلال على إصدار أوامر اعتقال إداري جديدة بل في معظم الأحيان تقوم بتجديد أوامر الاعتقال بحق المعتقلين الذين ينهون أوامر اعتقالهم أثناء الهبات والانتفاضات، فخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" وصل عدد المعتقلين إدارياً في العام 1989 إلى ما يزيد على (1,700) معتقل، أما في الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتحديدا في عام 2003،  فقد بلغ عدد المعتقلين الإداريين نحو (1140).  

وعلى مدار عقود طويلة، نفّذ المعتقلون الإداريون خطوات نضالية، كان أبرزها الإضراب عن الطعام، وشملت الإضرابات (الفردية والجماعية)، إلى جانب خطوات العصيان والتمرد، ومقاطعة المحاكم العسكرية، وكان أبرز هذه الإضرابات الإضراب الجماعي الذي استمر لمدة (62) يوماً. 

وفي هذا الإطار يؤكد نادي الأسير على مجموعة من الخلاصات فيما يتعلق بالاستمرار بالتوجه إلى محاكم الاحتلال العسكرية في قضايا الاعتقال الإداري، خاصّة أنّه وفي الآونة الأخيرة وجزء من الجريمة، تتعمد مخابرات الاحتلال إصدار أوامر اعتقال إداري بحقّ المعتقلين الإداريين قبل انتهاء الأمر الحالي بعدة شهور. وفي بعض الأحيان عينت جلسات تثبيت لبعض المعتقلين قبل إصدار الأمر، وهذا لم يحصل تاريخياً كما هو حاصل اليوم. وأبرز هذه الخلاصات:

● -إنّ المحاكم العسكرية للاحتلال، وكما كانت على مدار عقود طويلة وكجزء أساس من أدوات الاحتلال التي استخدمها لفرض مزيد من أدوات الرقابة والسيطرة وقمع أبناء شعبنا، وقهرهم ومحاولات اقتلاع الفاعلين منهم، وتقويض أي دور يمكن أن يساهم في سبيل تقرير المصير الفلسطيني؛ استخدمت دورها التاريخي بعد الحرب، وكانت الذراع الأساس في ترسيخ جريمة الاعتقال الإداريّ، والمساهمة في دعم مخابرات الاحتلال في تنفيذ المزيد من عمليات الاعتقال.

-إنّ التّوجه إلى محاكم الاحتلال بمستوياتها المختلفة وتحديدًا في قضية الاعتقال الإداريّ، لا جدوى منه، بل إنه يساهم في إعطاء نوع من (الشرعية) لمحاكم الاحتلال الظالمة، ورغم ذلك وبناء على رغبة المعتقلين أنفسهم في ظل ما يتعرضون له من عمليات تعذيب وتنكيل وجرائم غير مسبوقة بكثافتها، ورغبة عائلاتهم التي حرمت من التواصل مع أبنائها وحرمانهم من الزيارة، فإننا واصلنا متابعة ملفات المعتقلين الإداريين بهدف إبقاء التواصل ما بين المحامي والمعتقل في ظل صعوبات كبيرة فرضتها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيليّ في زيارة المعتقلين عدا عن تصاعد أعداد المعتقلين. 

 - لقد رفعت المؤسسات صوتها على مدار السنوات الماضية من أجل اتخاذ قرار وطني شامل وجامع لمقاطعة محاكم الاحتلال تدريجيًا وتحديدًا في التوجه لمتابعة المعتقلين الإداريين لما له من أبعاد وطنية استراتيجية خطيرة على مصير قضية الأسرى، إلا أنّنا ما زلنا ننظر بعين الأمل لدعم توجهنا على المستوى الوطني من أجل اتخاذ هذه الخطوة الهامة.

 نشير إلى أن الأمم المتحدة أصدرت موقفا العام المنصرم طالبت بحل المحاكم العسكرية للاحتلال، حيث أشار خبراء إلى الكيفية التي ساهم فيها النظام العسكري في السيطرة الحياة اليومية للفلسطينيين 

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020