لا أحد يعرف حجم الرعب الذي تعيشه عائلات الأسرى أثناء خوضها حرب الزيارات لأبنائها، الرعب من نسيان رسالة ما يجب أن يعلم بها الأسير، اسمٌ ألحَّ أن يرسل له سلاماً، وعلى الجهة الأخرى الرعب حين العودة من أسئلة العائلة، كيف تركتموه خلفكم؟ وكيف هي صحته؟، ولا أحد يعرف حجم الألم والخوف الذي انتاب زوجة وابنتي الأسير الشيخ عبد الرحمن حسن صلاح(65عاماً) من سكان مدينة جنين، حين زرنه في سجن النقب قبل مدة، حين خرج عليهن في الزيارة حاملاً ظهره وأقدامه، لا يقوَ على المسير جيداً، ويبدو عليه التعب الشديد.
مكتب إعلام الأسرى أجرى حواراً مع ابنته فداء صلاح للوقوف على آخر تطورات وضعه الصحي ولإيصال مناشدة العائلة بالتحرك لإنقاذ حياته، تقول ابنته" في زيارتنا الأخيرة لاحظنا صعوبة المشي لأبي كان يمسك بظهره، وبصعوبة بالغة استطاع أن يميزنا، فنظره بات ضعيفاً جداً".
الأسير الشيخ صلاح يعاني من مشاكل في حاسة النظر، فهو فقد الرؤية في عينه اليمنى، في حين نسبة الضعف في عينه اليسرى تصل ل90%، وهذا يهدد حاسة البصر لديه، وتؤكد ابنته على أنه بحاجة لعلاج وعمليات في عينيه حتى لا يفقد بصره تماماً.
لا تعلم عائلة الأسير صلاح إن كان يتلقى علاجاً في الوقت الحاضر لقاء حقيبة أمراضه المزمنة، وتلك التي أورثتها إياه السجون وحديثاً تلك التي ألحقتها به أجهزة التشويش، تقول ابنته فداء" وصلتنا أخبار من أحد الأخوة الذين تحرروا من الأسر تؤكد أن أبي يعاني من آلام وصداع في الرأس ودوخة نتيجة تعرضه لأجهزة التشويش، علاوةً على أن لديه ما يكفيه من الأمراض".
ما يؤلم عائلة الأسير صلاح أنها لا تستطيع أيضاً التواصل معه خاصة بعد أحداث سجن النقب حيث يتواجد، وهي تنتظر بفارغ الصبر صبيحة تاريخ 13/3/2019 لزيارته والإطلاع على وضعه الصحي عن كثب.
عقب التصعيد بحق أسرى سجن النقب تجهل عائلة الأسير صلاح إن كان العلاج لأمراضه يقدم له ولكنها تعلم أنه لن يكون كالعلاج الذي كان ستلقاه لو كان حراً، فهو يعاني أيضاً من دسك في ظهره وأمراض مزمنة منها الضغط والسكري، وسنوات اعتقاله الباقية وحكمه لن يرحما صحته.
تترقب عائلة الأسير صلاح كمثله محكمة تقدم فيها رفقة عدد آخر من الأسرى المعاد اعتقالهم بعد خروجهم في صفقة وفاء الأحرار التماساً يطالبون فيه بالإفراج الفوري نهم، فالأسير الشيخ عبد الرحمن صلاح اعتقل عام 2014، بعد أن كان نال حريته عام 2011 في صفقة تبادل الأسرى بعد قضاء 10 سنوات في الأسر، وكم كان وجع عائلته كبيراً حين أعيد له حكمه السابق البالغ 25 عاماً.
الاعتقالات والسنوات التي سرقت من عمر الأسير الشيخ صلاح لن تستعاد وإن كان يؤمن وذويه بأن الصبر مفتاحٌ لكل شيء، فغيابه القسري عن المنزل يحمل تفاصيل يعلمون هم فقط أنها تجاوزت حد الصبر.
تقول ابنته فداء صلاح في وصف السنوات" لم يستطع أبي أن يشاركنا لسنوات أفراحنا ولا أتراحنا ولا نجاحنا ولا تخرجنا ولا زواجنا ولم ير أحفاده، والأكثر ألماً أنه لم يودع أخي محمد شهيداً عام 2003، حين ارتقى بعمر ال18 عاماً فقط".
للأسير الشيخ صلاح حكاياتٌ كان سيحب أن يقصها على أحفاده، ثمانية منهم وفدوا للحياة في فترات اعتقاله، لا يعرفونه ويسألون أمهاتهم عنه دائماً، أن متى سيعود وهل سيعود، وهي الأسئلة التي تخاف العائلة أن تطرحها على نفسها ربما، وخوفها الأكبر هو الأخبار التي تصلهم وتؤكد أن صحة والدهم تسوء شيئاً فشيئاً.