على سرير مستشفى رام الله الحكومي يرقد الأسير المحرر وليد شرف من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة، ما زال يصارع مرضه ويطلب من الله الشفاء بعد رحلة مرض قاسية أنهكت جسده في سجون الاحتلال.
وبعد أن تأكد الأخير من أن شرف وصل إلى أقسى درجة من الوجع والإنهاك قرر الإفراج عنه، وفي هذه الحالة من الطبيعي أن تشعر عائلته بالفرحة ولكنها أحست بشيء ما يخنقها، فالإفراج لم يأت بسبب عطف من الاحتلال بل كان بسبب مشارفة ابنها على الموت!
منذ البداية
بعد أيام من استشهاد الأسير المريض فارس بارود أطلقت عائلة الأسير شرف مناشداتها المكثفة لإنقاذه؛ فهو تحول من شاب قوي البنية إلى هيكل عظمي مكسو بالجلد بسبب مرض غامض أصاب كبده.
وتقول والدته أم الوليد لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اعتقلت نجلها في العاشر من يونيو/ حزيران عام ٢٠١٨ وذلك بعد 50 يوما فقط من الإفراج عنه من اعتقال استمر لعام ونصف، وتم تحويله فورا للاعتقال الإداري دون تهمة ولا محاكمة وبقانون شرع الغاب فقط.
حاولت العائلة بعد اعتقاله التواصل مع المحامين والمؤسسات الحقوقية بسبب معاناة ابنها من مرض ضمور الجلد في منطقة اليدين والتي بدأت معه منذ الصغر، إلا أن ذلك لم يحرك لدى الاحتلال ساكنا ورفض الإفراج عنه.
وتوضح الوالدة بأنه خلال الاعتقال بدأت تظهر على ابنها أعراض مرض آخر يتعلق بالتهابات بالمثانة والبول وتضخم في الكليتين، حيث أبلغ إدارة السجون بذلك ولكنها تجاهلت مرضه لأشهر طويلة حتى اشتد عليه وأصبحت حالته متردية.
حين اقتنع الاحتلال أن الأسير شرف يعاني من مرض حاد نقله إلى مستشفى "أساف هروفيه" في الداخل المحتل، وهناك تبين أن يعاني من ضعف في الكبد بسبب سياسة الإهمال الطبي وتجاهل أمراضه الأولى من التهاب البول والمثانة وتضخم الكليتين.
وتبين أم الوليد بأن نجلها مكث أربعين يوما في المستشفيات الصهيونية مكبلا بالسرير لا يتمكن من تناول الطعام بنفسه أو عمل أي شيء، وهو الأمر الذي زاد من أوجاعه وبدأت حالته تسوء بشكل كبير.
الاحتلال البغيض وحين علم أن الأسير وليد في حالة لا يمكن شفاؤها حاليا وفي ظل مطالبات متكررة قرر الإفراج عنه وإنهاء اعتقاله الإداري، وهذا دليل آخر أنه لا يمالك دليلا يدينه ولا أي تهمة حقيقية لاعتقاله أسوة بالمئات من الإسرى الإداريين.
آمال بالشفاء
توجهت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني في الثاني عشر من فبراير ٢٠١٩ لنقل الأسير من المستشفى الصهيوني إلى مستشفى رام الله الحكومي، وهناك كان في استقباله المئات ممن هتفوا له ولحريته.
وترى والدته بأن حالته ما زالت صعبة وتحتاج للرعاية والعناية المستمرة، مؤكدة أنه لا يوجد تحسن على حاله حتى الآن لأن آخر ما أظهرته الفحوصات هو وجود تآكل في الكبد نتيجة أشهر الإهمال التي عانى منها.
وتضيف:" لم يكن وليد يخضع لأي علاج لديهم فقط كان يعيش على المسكنات وكان يتعرض لسوء معاملة ممنهج حتى في سجن الرملة، رغم أن مرضه ظهر فقط في السجن ولم يكن يعاني من أي شيء".
العائلة القلقة على مصير نجلها تفكر جديا في نقله للعلاج في الخارج إذا استمرت حالته بالتدهور، ولكن الاحتلال يقف بالطبع عائقاً أمام أي أسير محرر في منع السفر بعد التحرر.
وتختتم والدته حديثها بالقول:" حين استشهد الأسير المريض بارود شعرنا بالحزن العميق لأن قضية الأسرى المرضى هي قضية كل الفاسطينيين وليس فقط أهاليهم وسياسة الإهمال الطبي التي ينتهجها الاحتلال يجب أن تفضح على المستوى الدولي لأنها تودي بأرواح أبنائنا".