ستلحظها تشارك في الوقفة التضامنية الأسبوعية مع الأسرى المرضى أمام مقر بعثة الصليب الأحمر وسط مدينة طولكرم، تحمل صورة ابنها الأسير المريض، تسرد حكايتها مع مرضه، وكيف أنها تشعر به دون أن يتكلم.
هي والدة الأسير المريض معتصم رداد الحاجة آمنة رداد من بلدة صيدا، لم تتوقف عن المشاركة في وقفات التضامن مع الأسرى بشكل عامٍ وعن الأسرى المرضى بشكلٍ خاص، لأنها جزءٌ من ملحمةٍ تتواجد في سجون الاحتلال، وتحديداً في المكان الذي يصطلح الأسرى على تسميته بمسلخ سجن الرملة.
تروي الحاجة رداد حكاية آخر زيارةٍ لابنها في أسره، لمكتب إعلام الأسرى، تقول" قبل ثلاثة أسابيع كانت زيارتي له في مستشفى سجن الرملة، عندما شاهدت ابني معتصم في الزيارة بادرته بالسؤال والاستفسار عن حالته عن فطوره ودوائه وقلت له: أنت لم تفطر، وأنت لم تأخذ الدواء، فرد علي قائلاً: نعم لم أفطر، ولم أتناول الدواء".
تضيف رداد" قلت له أنا الذي ربيتك، وأعرف ما يسرك، وما يفرحك، وما يؤذيك، فبدون أن تخبرني عرفت من هيئتك أنك متعب، ولا أحد يعلم بحال الأسرى المرضى إلا ذويهم".
تواصل الحاجة آمنة حديثها مع لكل من يسألها من الصحفيين، لا تكل ولا تمل، ففلذة كبدها معتصم يعاني وضعاً صعباً، ويتناول يومياً أكثر من ثلاثين قرصاً من الدواء، ووزنه ينخفض، وأمعائه تم استئصالها بنسبة 100%.
يظهر التعب والإعياء على ملامح الحاجة آمنة رداد، فهي صاحبة التجربة، وهي القريبة من ابنها، وصورته لا تفارق مخيلتها، وحديثها ممزوج بحنان الأم المكلومة الخائفة من مستقبل مجهول، فاستشهاد الأسير الشهيد فارس بارود دق جدران قلبها الخائف أصلاً من مفاجآتٍ لا يحمد عقباها.
تصف الحاجة آمنة انتظار موعد الزيارة فتقول" بالنسبة لي أهم موعد في حياتي هو يوم الزيارة، حيث أشعر بالسعادة المغلفة بالحزن، فرؤية ابني بهذا الوضع الصحي لا تسر أي صديق، فكيف بقلب الأم، معنوياته عالية جداً، ويتناسى مرضه أمامي، ويهتم بتفاصيل حياتنا وكأنه يريد أن يقول لنا: أنا بخير رغم وجعي الساكن في جسدي منذ عام 2008".
يتحدث المحرر رأفت ناصيف من مدينة طولكرم حول مرض معتصم رداد لمكتب إعلام الأسرى، يقول" حالته تقلق كل أسير، وكذلك وضعه الصحي، والأدوية التي يتناولها، والعمليات الجراحية التي خضع لها، بقاؤه في الأسر هو قرار بإعدامه، وكذلك بقية الأسرى المرضى".
يضيف المحرر ناصيف" استشهاد الأسير فارس بارود زاد من وتيرة القلق بين عائلات الأسرى وفي صفوف الأسرى أنفسهم والمحررين، نحن نتحدث عن جيش من الأسرى والمحررين، فكل بيت فلسطيني ذاق ويلات الأسر، وشاهد أحد أفراد العائلة ما يجري في الأسر من إهمال طبي واضح".
مكتب إعلام الأسرى يشير إلى أن مستشفى سجن الرملة يتواجد فيه بشكل دائم قرابة العشرين أسيراً في وضع صحي صعب، منهم من لا يستطيع الحراك، وآخرين يستخدمون الكرسي المتحرك ويطلقون على المستشفى اسم المسلخ؛ لصعوبته وسياسة الإهمال الطبي المتبعة فيه".