منذ سنوات تكابد المسنة سهير البرغوثي، أم عاصف، انتهاكات الاحتلال بحق عائلتها، اليوم تستحق أن تصبح خنساء جديدة لبلادها، بعد التحاقها بزوجها وأبنائها لتكون خلف القضبان، وبعد أن ذاقت مرارة استشهاد ابنها صالح، وإعادة اعتقال زوجها عمر البرغوثي والذي أمضى 27 عاماً خلف القضبان، وأبنائها عاصف وعاصم ومحمد.
زوجة شقيق زوجها، المحررة إيمان عامر علقت على اعتقال صديقتها أم عاصف قائلة"عائلة البرغوثي أصبحت جميعها في السجون، فزوجي نائل يعتبر أقدم سجين فهو أمضى 39 عاماً في الأسر، وشقيقه عمر البرغوثي في الأسر وزوجته أم عاصف وأولادها وأشقائها كذلك في الأسر، وعائلة البرغوثي في قرية كوبر منكوبة، ومنازلها مهددة بالهدم والإزالة، ومخابرات الاحتلال تمعن في سياسة الانتقام بحقهم".
تضيف المحررة إيمان عامر" الاقتحامات لم تتوقف حتى بعد استشهاد صالح البرغوثي، واعتقال شقيقه عاصم واعتقال بقية العائلة، ففاتورة الحساب تزداد يوماً بعد يوم، فقد تم اعتقال أم عاصف لأنها لم ترفع الراية البيضاء بعد اعتقال زوجها وأولادها، ولأنها تحدت مخابراته بأن هدم البيت لن يضرها وستبني بيتاً مكانه، فنبرة التحدي لم تخفت لدى أم عاصف مما زاد من حقد ضباط المخابرات عليها، فسياستهم تعني إخضاع عائلات الأسرى والشهداء لا أن يفتخروا بأبنائهم، وهذا لم يحدث في عائلة البرغوثي التي ربت أبنائها على الصمود والتحدي والقوة".
تتابع المحررة إيمان عامر حديثها فتقول" محاكمة أم عاصف هي محاكمة لموقفها بدون أي تهمة أمنية، وانتقاماً منها لأنها زوجة قائد، ووالدة أسرى وشهداء، وشقيق زوجها نائل البرغوثي هو أقدم سجين في الحركة الأسيرة، فهي صاحبة عائلة لها تاريخ مشرف".
وتقول صديقة أم عاصف البرغوثي، حنان البرغوثي، أم عناد" أم عاصف كانت ثابتة في هذه المحنة ولم تظهر ضعفاً في كل مقابلة مع ضباط المخابرات الذين اقتحموا منزلها عدة مرات، ففي كل مرة كانوا يواجهون امرأة حديدية لا تبالي بجبروتهم وقوتهم وعتادهم وعددهم، وعندما قال لها ضابط المخابرات: سيتم إبعادك إلى أريحا قالت له بهدوء: الجو هناك أدفئ، وعندما أخبروها بهدم منزلها ومنزل ابنها قالت: سنبني أكبر وأفضل منه".
تضيف حنان البرغوثي" نحن عرفنا الاعتقالات والاقتحامات منذ زمن مبكر في حياتنا، تحديداً في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ولم تتوقف هذه الاقتحامات والمحاكمات لأبناء العائلة حتى هذه اللحظة، فنحن كبرنا وهرمنا ونحن نتعرض لأشرس الأساليب المخابراتية والعسكرية، فبصمات الاحتلال في حياتنا واضحة والتحدي عندنا أصيل".
توضح حنان البرغوثي أبرز ملامح النضال للعائلة فتقول" والدتي عندما زارت شقيقي نائل في إحدى الزيارات نادت عليها إحدى المجندات قائلة: فرخة، فردت عليها: أنا فرخة لكن أنجبت ديوكاً، فأشقائي رضعوا القوة والتحدي منذ صغرهم من أمي وأبي، واليوم الأحفاد يواصلون الدرب".
تختم حنان البرغوثي حديثها بالقول" هذا قدرنا، وأم عاصف أنجبت أبطالاً أمثال الشهيد صالح والأسير عاصم، وزوجها ثائر مقاوم قال لضابط المخابرات عندما أخبروه أن عاصم داس على رؤوس جنودنا في أخر عملية قبل شهرين: لهذا اليوم أعددتهم، لذا كان الانتقام الذي لم يتوقف بحق عائلة الشهيد صالح حتى هذا اليوم".