علاقة تضامن الأسرى مع بعضهم البعض، من أرقى العلاقات التي أنتجتها ثقافة الأسر في سجون الاحتلال، فرغم معاناة الأسر ونتائجه القاسية على الأسير وعلى جسده، إلا أن روح الإبداع لديه لا تتوقف، فيشعر الأسير بأخيه الأسير.
الأسير سعيد ذياب، من سكان قلقيلية، محكوم بالسجن الفعلي مدة 27عاماً وأمضى في الأسر حتى الآن 12عاماً، وأهدى الأسير المريض بسام السائح من مدينة نابلس قصيدة شعرية ولزوجته المحررة منى السائح، تحدث فيها عن حبٍ ترعرع داخل الأسر.
زوجة الأسير المريض بسام السايح، المحررة منى السايح قالت"هذا التضامن من أسير لأخيه الأسير شاهد على إنسانية الأسرى، وأنهم أصحاب رسالة سامية، فهي تعبر عن خلفية لأشخاص لم تهدمهم إجراءات الاحتلال القاسية، فهم في خضم هذا العذاب يتحدثون عن مشاعر إنسانية، وعن تجارب لزملائهم الذين يعانون المرض والأسر معاً".
تضيف السايح"القصيدة التي أهدها الأسير سعيد لزوجي بسام، وصفت الحالة بدقة متناهية، فالأسرى هم الأكثر قدرة على التعبير في هذه المواقف".
صاحب مؤلفات عديدة داخل الأسر، المحرر الأديب وليد الهودلي قال في حديثٍ له لمكتب إعلام الأسرى"في السجون هناك مخزون ثقافي مميز من حيث الإبداع في التعبير والقدرة على صياغة الأفكار وترجمتها في قصائد شعرية أو نثرية أو قصصية، فالأسرى يشعرون مع بعضهم البعض كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ويضيف الهودلي"الحركة الأسيرة فيها من الطاقات المتنوعة الكثير الذي يمكن الاعتماد عليه في تأسيس تجمع قادر على تحويل تجربة الأسر إلى تجربة يمكن تدويلها في العالم، بعدة صور وأشكال، وهذا الأمر خاص بالحركة الأسيرة الفلسطينية الوحيدة في العالم، من حيث أعدادها، ووجود قدامى الأسرى لأكثر من ثلاثة عقود، وطاقات علمية من كافة المستويات".
بدوره قال المحرر الإعلامي د. أمين أبو وردة"خلال توثيقي لحالة الأسرى خلال تجربتي الاعتقالية، رأيت صوراً كثيرة من تضامن الأسرى مع بعضهم البعض، سواء من خلال الهدايا المتبادلة أو الرسائل المكتوبة، فالهموم الشخصية للأسير لم تمنعه من نسيان معاناة من هم في الأسر، بدرجة أكثر إيلاماً، كالمرض أو وفاة قريبٍ عزيز".
يضيف أبو وردة"ضباط استخبارات السجون يرصدون كل هذه الظواهر ويصدمون من قدرة الأسرى على تمتين الروابط بينهم، وإخراج هذا الترابط بشكلٍ راقٍ وإنساني منقطع النظير، وهذه بصمة إنسانية تسجل للحركة الأسيرة الفلسطينية، التي دائماً ما تكون في الصدارة في كل الجوانب، فالحركة الأسيرة لها ثقلها في المجتمع الفلسطيني".
القصيدة الشعرية للأسير سعيد ذياب من قلقيلية، للزوجين الأسير بسام السائح والمحررة منى السائح جاءت بعنوان "صبر حبيبين" وجاء فيها"يا صبر هل في ذي الجراح سلام... حتى يداوي النائبات غرا م، مالي النوازل تستحيل رقيقة... مثل الزهور ندى عليها غمام، كم في القيد حب غدا نوراً...ونار الشوق منه ضرام، هذي الحكايا عزف نايٍ قد سحر...حتى كأن الصمت فيها كلام".
وجاء في القصيدة كذلك"بسام صبراً فالمنى لك من منى...فخراً منى بسامك المقدام، ما ضر من في القلب قد عاش اليقين...فالعيش في كنف اليقين تمام، الله أجركم بصبر في الدنا هذا...وطيب الذكر فيه وئام، كنتم بهذا الصبر أهلا للرضا...والصبر كرمى للمحب وسام، تأبى القيود على القلوب تسلطاً...سلوى الأحبة في البلاء غرام، والشمل بعد البعد موصول به...حبل اللقا ولتختفي الآلام، والمبسم الوضاء تحيه المنى...لمّا يعود إلى منى بسام".