في كل أصقاع الأرض لابد من مصطلحات تعريفية للأفكار والأسباب والنتائج والأفعال المتعلقة بكل شيء، يتواطأ عليها الجميع في تلك المنطقة وتصبح من المعلوم من الحياة بالضرورة، وتزداد الصفحات حدة ومفاصلة عندما تتعلق بقضايا تمس جهل الجمع التي يستخدمها، مثلاً شعب يقع عليه الاحتلال يكون معنى الثورة عنده أشد، وأكثر إشراقا من شعبٍ هبَّ لعدة أيام احتجاجا على ارتفاع أسعار الأغذية ثمَّ خَبَت، الأول ثورة والثاني ثورة لكن شتان بينهما، وهكذا ينسحب القياس إلى كل الاصطلاحات التي يتداولها البشر على مرِّ العصور.
في العقد الأخير طرأ تغيير جوهري على الاصطلاحات التي نستعملها في توصيف علاقتنا مع الاحتلال، مما يعطي مؤشِّراً واضحاً على غزو اللاوعي عندنا بصورة اجتياحية، حيث انقلبت الأمور رأسا على عقب وأهم هذه الاصطلاحات التي تمس جوهر علاقتنا مع الاحتلال، وتحوِّلها من علاقة صراع دائم ومستمر إلى محاولة المساواة في المعيشة والحقوق، فأطلقنا على الاحتلال أنه نظام فصل عنصري، واستخدمنا مصطلحات الصراع في منطقة ما وبدأنا باستغلالها فكانت اصطلاحات الصراع الأصلية والأصيلة، فالجدار هو جدار ضمِّ وتوسيع عنصري يضم أراضي المواطنين، ولذلك تكون حركته حسب التغيير الجديد للمظاهرات وإشهار الكتلة الفردية والمآسي المتناثرة على ضمير المجتمع الدولي الهزيل على مشاعر عالم قَلَبَ لنا ظهر المحن وألغى وجودنا منذ ما يقارب القرن، ثم يأتيك الاحتلال وكيانه المسخ الذي أصبح بين عشيَّة وضحاها نظام فصل عنصري، وهكذا انتقل الصراع معه من مطالبةٍ بخروجه التام والكامل من أرضنا وإن بالقوة وكل مظاهره إلى أنه نظام لدولة جارة ولكنه يقسو علينا في تصرفاتنا اليومية، ويميز بيننا وبين مواطنيه بصورة بشعة، ولعمرك إنها لصورة ارتكاس وانتكاس فكري وسياسي لن تمر حتى في أحلك ظروف الهوان والذل في تاريخ هذا الشعب والأمة.
ثم نشأ على ظهر مصطلح نظام الفصل العنصري الذي تمَّ إقحامه في قاموسنا بدل كلمة احتلال، نشأ على ظهره مصطلحات ملازمة له لأنها هكذا تأتي رزمة واحدة، فمعنى أن نقول أننا نظام فصل عنصري بكل بساطة تقول أنك مواطن في هذا الكيان، ولكن في درجة أدنى من مواطنيه الحقوقيين، مما يعني بالضرورة أنه لو تمت معالجة تلك الطوارئ كما يردد المهتمون بأنه يمكن القبول بكيان الاحتلال، وأمر آخر تحوُّل المستوطن الغاشم إلى مواطن في أراضينا ولكنه متطرف يعتدي على الشعب المسالم في كتاب أحد مُنظِّري تيار التسوية يسعى كيان الاحتلال في الجار الغربي، ومن ثمَّ تحوَّل هذا الجار إلى متخلّطين عنصريين ليسوا كما احتلالا كامل التعريف على مستوى الجرائم والانتهاكات.
وختاما: فمصطلحات الصراع الثابتة وغير القابلة للتلاعب تعني أن الشعب وممثليه لا زالوا على عهد مضى ومطالبين بالحقوق لأثر رجعي والتغيير والتلاعب والموافقة عليها يعني أننا أصبحنا أنانيين بصورة مقززة منفردة حيث نعتمد المقولة الشهيرة أنا ومن بعدي الطوفان، ولا يملك أحدٌ أن يصادر حقنا في التحرير ودحر المحتل بصورة كاملة ولو بعد حين.