لجنة الطوارئ الوطنية .. مسار الانتصار
بقلم الأسير / سعيد ذياب

في غفلة من زمن الانحدار ولدت ، فرضت ميلادها الحاحيّة الحاجة وضرورات المرحلة ، ودون مزيد وقوف على حدود المسافات المصطنعة ، لارتقاب  معجزة تعيد للاسرى هيبة تاريخ قد تعمد بالكرامة وكبرياء الثائرين ، فكانت بذرة لفكرة سقيت من دفق العنفوان المتدفق من وجدان شعب قد تغنى بالنصر ونبضت به قلوب المنتفضين ، من لَدّن اول تكبير ولّد ثورة في وجه اسراب الغزاة الطامعين.

مع خروج الاسرى الستة ابطال نفق الحرية كانت البداية ، حينها ساء وجه اسرائيل لجيشها وأمنها وتفوقها ، وسقطت هيبة قلاعها المحصنة ببضعة ملاعق وقطع حديدية ، وارادة حفرت في عمق المستحيل لتعانق حرية استقبلتهم شمسها ستة ايام كانت كافية لتؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الشعب والقضية واحرار الدنيا عنوانها : بالعزم نجني الانتصار ، فقد تصدع جدار اسرائيل الحديدي امام بضعة اسرى تجردوا من اي سلاح نوعي في مواجهة جيش ، لكنهم لم يعدموا الارادة والعناد ، لتصاب حينها مصلحة السجون بحالة من الهوس والعسف ، وتنبري في ابتداع جملة من العقوبات الجماعية على مقاس الجملة ودون تفرقة وتمييز ، طالت حتى ساعة الشمس وزيارة الاهل وهامش اختيار البرش ، وما تبقى من كرامة العيش بين رطوبة الجدران .

انتفض الاسرى من مؤبد قيدهم ، وقيود فُرقتهم واتحدوا !! متمردين على مسار اللا معقول الذي فرضته لعنة الانقسام ، واستطاعوا دون عناءٍ تحييد خلافاتهم التي برع السجان في اذكائها ، والتوحد كصف واحد في خط المواجهة معلنين أن لا حياة دون شرط الكرامة ، ولا كرامة دون شرط الوحدة ، وكانت معركتهم التي لم تبدأ!! اذ تم ردُّ هجمة مصلحة السجون التي اربكها هذا التوحد ، ليس هذا وحسب ، فقد تم استعادة بعض الحقوق التي سلبت قبلا، والأهم ان كل ذلك قد تم دون دفع ثمن او دخول مواجهة ، فقط بالاستعداد العالي والجهوزية المرتبطة بايمان يقيني بأن الكتف لا يسنده الا الكتف ، وبأنه تأبى العِصيُّ اذا اجتمعن تكسراً واذاً افترقن تَكسّرت احادا ، وهو ما الزم مصلحة السجون ومن ورائها صانع القرار في الكيان كف اليد عنهم ، خشية انعكاس الحالة على الشارع .


وهكذا … ازيح الستار عن " لجنة الطوارئ الوطنية " ، الممثلة لجميع الفصائل ، ونصّبت كمرجعية عليا للحركة الوطنية الاسيرة ، التي اعياها شتات العناوين وكثرة الاجتهادات ، وضياع البوصلة والهدف منذ اكثر من عقدين ، اخذت فيهما السجون نصيبها من التيه والعمى والضعف ، الذي جرأ الاحتلال على الاطباق على ارث الاسرى المُخضّب بالدم ، والمنجزات التي راكمتها مطحنة الامعاء الخاوية التي اقتاتت على الاف الكيلوغرامات من اللحم الحي لاسرى شعب يرفض ان يموت .

امتحنت صلابتها مرات، فكانت في جميعها ترد للسجان عن غيه وتماديه على حقوق الاسرى اذا ما اشهروا امامه سلاحهم الامضى وسيفهم الضارب ، الوحدة!! كلمة لها مئة مخيال والف تجلّ ، ومليون صورة، ومعنى واحد وحيد يقول ان شئتم: لا يفل الحديد الا الحديد ، فالوحدة باجماع  التجارب واستنطاق الماضي وكثرة المواقف، وقول الحكماء زيادة غلى ذلك ، لا يملك العدد امامها الا ان يكسر انف غطرسته بيده ، ويعيد الحق مرغما والنصر يعلو الرقاب ويزجرُ .

واليوم … وبعد اقل من عامين على وجود لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الاسيرة ، وبعد اكثر من ثلاث جولات مع مصلحة السجون كادت تطيح بكثير من منجزات الاسرى ، كان النصر في جميعها جليا ، والنجاح فيها موسوم بعد توفيق الله لصالح لجنة الطوارئ ، اصبح لازماً  حراسة شعلتها من ان تطفئها رياح الخذلان ، او يحاصر مسارها اصحاب الرماح المكسورة ، والابواق المأجورة .

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020