أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من (14 ألف) مواطن فلسطيني من قطاع غزة خلال عامين من حرب الإبادة على القطاع، والتي بدأت في السابع من أكتوبر 2023، بينهم المئات من الكوادر الطبية وعناصر الدفاع المدني والصحفيين والأطفال والنساء.
وأوضح مركز فلسطين في الذكرى الثانية لحرب الإبادة أن الاحتلال لم يكتفِ بتدمير كل أشكال الحياة في قطاع غزة وقتل عشرات الآلاف وهدم غالبية المباني في القطاع، وخاصة في رفح والشمال، ولكن قام بالتوازي مع جرائمه بتنفيذ حملات اعتقال جماعية بحق المدنيين في مراكز الإيواء والمدارس والمنازل والممرات الآمنة، واعتقل ما يزيد عن (14) ألف مواطن بشكل همجي وغير مسبوق، بينهم ما يزيد عن (360) من الكوادر الطبية، كان آخرهم الدكتور "مروان الهمص" ونجلته الحكيمة "تسنيم"، والعشرات من عناصر الدفاع المدني والمئات من النساء والأطفال وكبار السن وحتى معاقين على كراسي متحركة وآخرين مبتوري الأطراف.
وأضاف مركز فلسطين أن الاحتلال، لاستيعاب تلك الأعداد الكبيرة من المعتقلين، افتتح معسكرات اعتقال ومراكز تحقيق جديدة تتبع لجيش الاحتلال مباشرة ولا تتبع إدارة السجون، ومارس فيها كل أشكال التنكيل والتعذيب المحرمة دولياً، ومن أبرزها معتقل الموت في "سيديه تيمان" بمنطقة النقب، ومعسكر اعتقال خاص في سجن عوفر، ومعسكر يتبع لسجن النقب الصحراوي، ومركز تحقيق "منشه"، ومعسكر اعتقال "نفتالي"، وقسم "ركيفت" الذي أقيم تحت الأرض في سجن الرملة وهو مخصص لاعتقال من تصنفهم سلطات الاحتلال بالخطيرين.
وأشار مركز فلسطين إلى أن الاحتلال مارس كافة أشكال التنكيل والتعذيب بحق المعتقلين الغزيين، بدءاً من اعتقالهم بطريقة مرعبة وهمجية وتهديدهم بالقتل وإطلاق النار عليهم وإعدام المئات منهم بدم بارد، وإجبار الرجال منهم على خلع ملابسهم حتى في أوقات المطر والبارد القارس، وتقييد أيديهم وعصب أعينهم ونقلهم بالعشرات بطريقة غير آدمية، ويتم التحقيق معهم ميدانياً في أماكن استحدثها الاحتلال لهذا الغرض، ومن ثم إطلاق سراح جزء منهم بينما يتم نقل الآخرين إلى مراكز التحقيق مكدسين داخل شاحنات مفتوحة وهم عراة.
ونوه مركز فلسطين إلى أن الاحتلال أفرج خلال شهور حرب الإبادة عن آلاف المعتقلين بعد اعتقال لفترات مختلفة امتدت من عدة أسابيع إلى أكثر من عام ونصف، وحسب شهادات المفرج عنهم، أكدوا أنهم تعرضوا لعمليات تعذيب قاسية طالت كرامتهم وإنسانيتهم، وتم تقييدهم وعصب أعينهم لفترات طويلة استمرت لأكثر من أسبوع بشكل متواصل، وتعرضوا للضرب على كل أنحاء الجسم، والصعق بالكهرباء في أماكن حساسة، وحرموا من قضاء الحاجة واضطروا لقضائها في ملابسهم، ونهشتهم الكلاب البوليسية المتوحشة، وتم تعليقهم من أيديهم لساعات طويلة، إضافة إلى انتهاك إنسانيتهم باغتصاب عدد من الأسرى وتهديد الآخرين المستمر بالاغتصاب والتحرش.
كما حرموا من أبسط مقومات الحياة، ولم يسمح لهم بتغيير ملابسهم طوال شهور، وحرمهم من الاستحمام وأداء الصلوات، ويقبعون في أقسام للخيام شديدة الحرارة في الصيف والبرودة في الشتاء، وحرموا من الطعام الكافي، ولا يقدم لهم أي نوع من أنواع العلاج، علماً بأنهم جميعاً أصيبوا بالأمراض الجلدية والدمامل والالتهابات والحكة الشديدة مع انعدام النظافة وأدوات التنظيف.
وبيّن مركز فلسطين أن الاحتلال قتل (46) أسيراً من قطاع غزة خلال العامين الماضيين وهم معلومي الهوية، من أصل (77) شهيداً للحركة الأسيرة خلال تلك الفترة، بعدة وسائل أبرزها التعذيب والإهمال الطبي، بينهم أطباء وممرضين، بينما العشرات لا زالوا مجهولين، إضافة إلى مئات الشهداء ممن تم إعدامهم ميدانياً بعد اعتقالهم والتحقيق معهم وهم مكبلون الأيدي والأرجل.
وكشف مركز فلسطين أن كافة أسرى غزة الذين أفرج عنهم تم نقلهم إلى المستشفيات مباشرة نتيجة سوء أوضاعهم الصحية والهزال الشديد الذي يعانونه نتيجة التحقيق والتعذيب وسياسة التجويع والظروف القاسية التي عاشوها، وبعضهم خرج فاقداً للذاكرة، وبعضهم أصيب بإعاقات دائمة وبتر أعضاء من أجسادهم، بينما يعترف الاحتلال باستمرار اعتقال حوالي (2600) من قطاع غزة، تم تصنيفهم تحت قانون "مقاتل غير شرعي"، رغم أن التحقيق معهم أكد أنهم لا علاقة لهم بالمقاومة أو العمل المقاوم، ولا يوجد لديهم أي معلومات هامة تخدم عمليات الاحتلال، وأن ما يتعرض له المعتقلون يأتي في إطار الانتقام وممارسة السادية بحق الأسرى المدنيين العزل.
وهذا العدد الذي أعلنه الاحتلال لا يشكل الأعداد الحقيقية لمعتقلي غزة، حيث لا يزال الاحتلال يتكتم على مصيرهم وأعدادهم أو ظروف اعتقالهم ضمن جريمة الإخفاء القسري، بينما نقدر أن الاحتلال لا يزال يعتقل (3500) أسير من قطاع غزة.
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الدولية بضرورة التدخل العاجل وتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري من جرائم واضحة ومباشرة بحق المعتقلين من غزة، والأسرى بشكل عام، والتي تعرض حياتهم للموت المباشر، حيث يتعرضون منذ عامين لأقسى أنواع التعذيب والظروف غير الآدمية ويحرمون من أبسط مقومات الحياة، ودعا إلى تشكيل لجان تحقيق لزيارة مراكز الاعتقال المستحدثة والاطلاع على ما يجري فيها من جرائم بحق الأسرى.