الأسرى الفلسطينيون بين التجويع والإهمال الطبي: واقع كارثي داخل سجون الاحتلال

في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي ترافقت مع تصعيد ممنهج في الضفة الغربية والقدس، تشهد سجون الاحتلال أوضاعا مأساوية تتفاقم يوما بعد يوم وسط تكدس المعتقلين الجدد والإهمال الطبي، والتضييق غير المسبوق على الأسرى.

سجن جلبوع: التجويع والإهمال وبيئة الموت البطيء

في سجن جلبوع أفاد الأسرى أن وجبات الطعام اليومية لا تكفي حتى لسد الرمق، إذ تقدّم ثلاث وجبات هزيلة بالكاد تعادل وجبة واحدة.  

تم تقليص عدد أرغفة الخبز بشكل كبير، فيما يفقد الأسرى أوزانهم بصورة ملحوظة.

النظافة الشخصية شبه معدومة؛ لا تتوفر سوى كميات محدودة من الشامبو ومعجون الأسنان، دون توفير أدوات أساسية كفرشاة الأسنان أو مشط الشعر أو مقص الأظافر.  

بعض الأقسام تفتقر حتى لماكينات الحلاقة، ويُمنح كل أسير لفة محارم واحدة أسبوعيا ما لا يكفي حتى للحاجات الأساسية.

انتشار الأمراض الجلدية والفيروسية بات ظاهرة عامة، خاصة في ظل تفشي الجرب (السكابيوس) وظهور أعراض مرضية مجهولة تتسبب في آلام بالبطن وإسهال حاد دون تقديم أي تدخل طبي حقيقي.

أما "الفورة" اليومية فلا تمنح إلا ساعة واحدة أسبوعيا، وغالبا ما تكون في أوقات غياب الشمس، ما يحرم الأسرى من التهوية والضوء الطبيعي. أحد الأسرى ذكر أنه لم يتعرض لأشعة الشمس منذ أكثر من عشرين يوما.

التفتيش الشهري يتم بقسوة، حيث يُكبل بعض الأسرى خلال إخراجهم وتمارس بحقهم اعتداءات جسدية. وتحدث عمليات اقتحام لغرف الأسرى تترافق أحيانًا بعقوبات جماعية.

من بين الحالات الصحية الحرجة، حالة الأسير (أ.ن) المعتقل إداريا منذ 18 شهرا، ويعاني من السكري والجرب. الطفح الجلدي يملأ جسده، يعاني من جروح عميقة وفقد 40 كيلوغراما من وزنه، ولا يستطيع الوقوف لدقيقتين دون أن يفقد وعيه، بينما يغيب أي تدخل طبي جاد.



سجن مجدو: الضرب والإهانة وتسميم الحياة اليومية  

في سجن مجدو يعاني الأسرى من معاملة وحشية تتضمن الضرب العشوائي دون مبرر وسحب الفراش نهارا كنوع من العقاب النفسي والجسدي.

مرض الجرب منتشر على نطاق واسع، دون علاج. أما النظافة فتكاد تنعدم مع توزيع كميات ضئيلة من الشامبو، فيما يحصل الأسرى على مياه غير صالحة للشرب بلون ومظهر مريبين.

الطعام شحيح ورديء، وفي بعض الأحيان فاسد، ولا يكفي لسد الجوع. الملابس الصيفية توزع على عدد محدود فقط من الأسرى ما يزيد من معاناتهم مع ارتفاع درجات الحرارة.



الإهمال في عيادة سجن الرملة (مراش)

في وجه الموت  حيث يحتجز المرضى من الأسرى، تغيب الرعاية الصحية الفعلية وتقتصر على خدمات روتينية مثل غسيل الكلى، في حين تهمل باقي الحالات الخطرة.

يتولى أحد الأسرى دون أي تأهيل طبي، مهمة توزيع الطعام والعناية بالجروح، ما يعكس غياب الطاقم الطبي المتخصص. كما يحرم الأسرى من الهواء الطلق والضوء الطبيعي، إذ تقتصر "الفورة" على ساعة واحدة يوميا لا تتم خلال النهار في أغلب الأحيان.

الطعام رديء النوعية والكمية، ويقدَّم بشكل لا يتناسب مع احتياجات المرضى ما يزيد من تدهور أوضاعهم الصحية والنفسية.

في ظل هذا الواقع القاسي يشدد مكتب إعلام الأسرى على أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال خصوصا في جلبوع ومجدو وعيادة سجن الرملة، يمثل انتهاكا صارخا لكل المواثيق الدولية والإنسانية.

ويحمل المكتب سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، ويطالب المؤسسات الدولية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لوقف هذه الجرائم، والضغط لتمكين الأسرى من حقوقهم الأساسية في العلاج والغذاء والكرامة الإنسانية.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020