عادت التفجيرات من جديد لتحدّث الكيان الصهيوني وبلغتها الخاصة ذات الوقع الشديد عن هولها وقسوتها، وكيف يمكن أن تغير الموازين في المنطقة .مؤخرًّا ومن بين جميع حوادث المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية والداخل المحتل، كانت العبوة الجانبية ذات التصنيع المحكم، والمزروعة بشكل عسكري معروف للخبراء، يدلل على المشهد الأمني المتردي والخطر الذي وصل الكيان الصهيوني إليه ، والفشل الذريع والمتكرر للمنظومة الأمنية في أن تمنع الهجمات العسكرية المقاومة الموجهة ضد كل ما يمثله الكيان الصهيوني. ومن خلال هذا الحدث النوعي، يمكن تقديم عدة قراءات، منها، وجود تنظيم أوجهه مدربة ولها إمكانيات قوية ومعرفة استخباراتية عميقة لكل التفاصيل ، بالإضافة إلى الفعالية العملياتية التي يمكن أن تحققها تلك الجماعة في الميدان، وغير ذلك...
الحدث تم بنصب العبوة الناسفة على رصيف شارع 65 بالقرب من مفترق مجدو، المنطقة القربية من سجن مجدو المشهور لدى عموم الشعب الفلسطيني ؛ ليتم تفعيلها عن بعد، قريبا من الساعة السادسة صباحا من يوم الاثنين الماضي. بالتزامن مع عدة عمليات بطولية خلال الأسبوعين الماضيين ، كان من أبرزها، عملية حوارة التي قتل فيها مستوطنان وعملية ديزنجوف التي أصيب فيها عدد من الصهاينة ، ويتوافق مع العملية الأخيرة زرع عبوة ناسفة في باص للمستوطنين المتوجه لمغتصبة " بيتار عميليت" الجاثمة على أراضي بيت لحم.
الاهتمام البالغ في حدث مجدو الأخير يكمن في طبيعة المنفذ وآلية عمله وخط سيره واختراقه للحدود الشمالية دون أن يتم رصده ، وصولا إلى نوعية العبوة المستخدمة.
الأكثر اهتماما كان بالجهة التي أرسلت المنفذ، إن كانت تشعر بضعف المركب العام للكيان الصهيوني ومنه الاجتماعي والأمني. أم أن الحدث تفاعل عابر مع الأحداث المتسارعة في الضفة الفلسطينية على وجه التحديد، وصولا إلى أحتمالية كون العبوة موجهة لاستهداف شخصية صهيونية مهمة تم رصد مسار عبورها استخباراتيا، وعليه زرعت العبوة في تلك المنطقة.
من جهة أخرى احتمالية أن يكون الهدف من كل ذلك انتقاما جزئيا نفذه حزب الله على الحساب الطويل بين المنظمة والكيان الصهيوني، والذي استهدف المنطقة في سوريا خلال السنوات الماضية. في الإعلام العبري يصفون السيد حسن نصر الله في الشمال ومروان عيسى في الجنوب بأنهما يشعران بشكل جيد بالهزة الأرضية التي تتصاعد تحت قدمي رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو، بسبب التعديلات في المؤسسة القضائية والشرطية وغيرها، والتي على ما يبدو لم تعمل تقوية السيطرة والتحكم من جهة اليمين الصهيوني المتشدد، بل عكست الصورة إلى إضعاف كل المركبات المشكلة للنظام الصهيوني وما يحتويها ،كما هو ظاهر للعيان.
التساؤل الذي يؤرق المنظومة الأمنية الصهيونية ، إن كانت منظمات المقاومة في داخل الجغرافيا الفلسطينية أوخارجها قد تجهزت جيدا وبعيداعن الرادارالصهيوني لفتح موجة جديدة من العمليات على غرار التفجير الأخير الذي حصل بالقرب من مجدو ، أو أن الصدوع العميقة بين مركبات الكيان الصهيوني تؤثر بشكل سلبي على فعالية المنظومة الأمنية من أن تحمي مواطنيها وتؤدي عملها كما يجب؟
خاتمة القول، المتابع للشأن الصهيوني وخصوصا الأمني منه يجد أنّ المنظومة الأمنية الصهيونية تعيش في أرباك كبير حول ما يمكن تقديمه من حلول للأزمة الداخلية ونذر مواجهة تمكن أن تحدث في الداخل المحتل بين مركبات الكيان المختلفة ، أو المواجهة المفتوحة مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتطور يوما بعد يوم وتحقق الإنجازات في مسار الصمود والتحرير .
وعليه كيف يمكن للفصائل الفلسطينية المقاومة أن تستفيد من هذه الحالة وتبني عليها مشروعًا استراتيجيًا يحقق آمال الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية معا؟
وفي انتظار الإجابة يبقى الطريق مفتوحًا لكل السائرين نحو الحرية .