تكالبت الظلمات وادلهمّت على وطن، تناوشته معاول الطغيان من كل جانب وفي كل درب، احتلالاً وقهراً وغصباً وقتلاً وأسراً.. وللأسف تنسيقاً، فقمع الأحرار ونُسِيَ الأسرى وقُسِّمت الأرض واشتكت القدس.. وقُتِل يحيى..، وهناك كان الحدُّ الفاصل بين جمرةٍ حقيقية كان الرماد يغطِيها، وبين شرارةٍ ومضت وانطفأت، الجمرةُ استعرتْ والجذوة اشتعلت.. فأضاءتِ الليلَ البهيم بنيران الحافلات المحترقة، وأصبح دخانُها نَفَساً يُذكِّرُ بيحيى.. وقطعت طرق الاحتلال الممهدة بهياكل الحافلات المحترقة وسيارات إسعافٍ وإطفاء كان قدومُها عبثاً، وهناك كان حسن سلامة.
شاب فلسطيني جاب الأرض والدول إعداداً وهمة وبصيرة، وقد كان أثخن في المحتلين فتىً متوثبا..، منذ كانت حماسُ كان حماساً.. ومنذ كانت كتائب القسام كان قساماً، لم يفتّ في عضده اعتقال محتلِّ واعتقال قريب، بالكاد حظي بلقب "عريس" حتى تنادى في قطاع غزة: استشهد يحيى.. استشهد المهندس، فكان للضيف وحسن قول:
هذا هو الثأر المقدس عبرة ....... "قسام مَرَّ فويل كل مُدانِ"
ومن أسدود إلى الخليل ورام الله والقدس وبيت لحم تسمع في نشرات الأخبار وأحاديث السُّمَّاء: "الحافلات تحترق"
أسر الاحتلال حسن، ورفاق حسن، حكم الاحتلال على حسن بالمؤبد 48 مرة، وحسن يبتسم.. دلالات ابتسامته كثيرة، منها أنّ الاحتلال أعجز وأقلَّ من أن يُنّفِذَ حكمه عليه وعلى رفاقه أكرم القواسمي، أيمن الرازم، محمد أبو وردة، أبطال الثأر المقدس، ولكن وللأسف.. ها هم اليوم يقضون عامهم السابع والعشرين على التوالي في السجون، لا تزال نيران الحافلات المحترقة اليوم مشتعلة غيظاً وغلاًّ يُنْفِذُه السجان على الأسرى..، فكيف هي اليوم جذوة وشعلة أبطال الثأر المقدس؟ وسؤالهم هل كنّا صفحة وانطوت؟!
يجيب اليوم حسن سلامة بإشهار كتابه "الحافلات تحترق" بإصدار كتائب الشهيد عز الدين القسام، يذكِّر وَيُثِّبتُ، ويهدي ليحيى عياش السلام.. ويبعث للضيف رسالة مقدَّسةً عساها تصل، والرجال على عهد الرجال، ويملؤ النفس زهواً وفخراً الصرحُ المقاوم الشامخ.. فيه الآمال تجد ملاءها ولكنّ العمر يمضي..
طبت يا حسن وأصحابك الأحرار.. كلما نزفت الجراح.. ولكن أُصِبْنا في قدسنا وأهلنا، فتحنا سجلات الذكريات صوتاً وصورة لنشاهد: "الحافلات تحترق".