بينما كانت عائلته تنتظر قرارا بإنهاء اعتقاله الإداري منتظرة الإفراج عنه لحظة بلحظة، تفاجأت بقرار من نوع آخر، حيث أبلغها الاحتلال نيته ترحيل ابنها بشكل نهائي عن وطنه إلى فرنسا.
ورغم أن القرار يعني لم شمله بزوجته وطفليه بعد غياب طويل، إلا أن الأسير صلاح الحموري يرفض بشكل قاطع إبعاده عن وطنه الذي عاش فيه سنوات عمره وخاصة مدينته القدس المحتلة التي يفضل البقاء فيها رغم صعوبة العيش جراء إجراءات الاحتلال العنصرية.
بدأت حكاية الناشط الحموري منذ عشرين عاما حين اعتقل على يد الاحتلال للمرّة الأولى في عام 2001 لمدّة خمسة أشهر، ثمّ اعتُقل إدارياً في عام 2004 لمدّة أربعة أشهر، وبعدها اعتُقل في عام 2005 لمدّة سبع سنوات، وأعيد اعتقاله في عام 2017 إدارياً لمدّة 13 شهراً، في حين مُنع من دخول الضفة الغربية لمدّة عامَين متتاليين.
تقول والدة الأسير صلاح ذات الأصول الفرنسية إن نجلها بدأ حكايته مع الاعتقال مبكرا، وفي كل مرة لا تكون هناك حجة كافية لاعتقاله، حيث يكتفي الاحتلال بالقول إن ملفا سريا هو السبب في تمديد اعتقاله وتحويله للاعتقال الإداري طيلة هذه الفترة.
وتبين بأن الاحتلال كان صادق عبر وزارة الداخلية الصهيونية العام الماضي على قرار يقضي بإسقاط حقّ الإقامة في القدس عن نجلها، حيث تم إبلاغه رسميا بالقرار علما أنّ المصادقة هي على سحب الإقامة منه نهائياً.
واعتبرت أن هذه القرارات جزء من سياسة تهدف إلى ترحيل المقدسيّين من المدينة المقدّسة، ومن ضمن الهجمة على الأهالي فيها.
وأضافت:" زوجة صلاح ممنوعة لعشر سنوات من دخول فلسطين وتم ترحيلها إلى فرنسا كونها هي الأخرى من أصول فرنسية، والآن يتم الحديث عن ترحيله أيضا وهو ما نرفضه بشدة".
ازدواجية المعايير
صلاح من سجنه وفي ظل استمرار تجديد اعتقاله الإداري دون مبرر كان وجه رسالة إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، متسائلا فيها حول معاييره المزدوجة في التعامل مع الشعوب التي تخضع للظلم، بالرغم من ادعاء ماكرون التزامه بقيم الديمقراطية وشعار الجمهورية الفرنسية: "حرية، إيخاء، مساواة"!
وقال الحموري في رسالته: "أشعر كأنني مواطن من الدرجة الرابعة أو الخامسة بالنسبة للدولة الفرنسية، في ظل استمرار فرنسا بالتغاضي، والسماح لدولة الاحتلال بالاستمرار في اعتقالي بدون تهم وبدون محاكمة".
ولكن هذه الرسالة لم تجد آذانا صاغية، فصلاح ما زال أسيرا، وقرار إبعاده وترحيله ما زال سارياً، وبضغط من عائلته ومحاميه تم تأجيل البت في الإبعاد حتى شهر يناير/كانون الثاني القادم.
بدورها تؤكد سحر فرنسيس مديرة مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان والتي يعمل فيها صلاح؛ أن هذا القرار لا يمس الحموري فقط وإنما كل مواطن مقدسي يحمل الهوية المقدسية، حيث في أي لحظة يستطيع الاحتلال سحب هذه الهوية وإبعاد الفلسطيني عن مدينته وأرضه ووطنه دون أي مبرر قانوني.
وأوضحت أن القوانين الدولية والاتفاقيات المختلفة خاصة اتفاقية جنيف الثانية تنص على حق المواطن بالعيش في وطنه دون أي إجبار على الرحيل منه، ولكن الاحتلال كالعادة لا يكترث لهذه القوانين ولا توجد قوة رادعة له لتلزمه بذلك.