هي الوطن
وأن تكوني زوجة أسير، هي أن تكوني حليمةً زوجة جمال، القائل حالُها إن كنت قد ضحيت بعمرك لأجل الوطن، فلا أقلَّ من أن أبذل شبابي لذاك الوطن، فأنا وأنت كفرسيّ رهان، نمهر فلسطين أعمارنا جموحاً فوق مضمار التحرير من غير أن يزلّ سرجنا أو أن يجفّ زبدنا، فنحن توأمان وُلِدنا من عين الوطن، فليس لنا مهد ولا لحد إلا فلسطين، فلا سجان ينفينا ولا سجن يفنينا...!
أن تكوني زوجة أسير، هي أن تكوني أم البشائر زوجة عماد، القائل حالها أنني منك بضعةً فسأقهر بها سجان المستعمر بمهند وصلاح وأخر متشابهات.
أن تكوني زوجة أسير، هي أن تكوني في طلاق مع كل رغبات الدنيا وشهواتها إلا رغبة التحرير، وفي صلاح عامر مع قيمة الوفاء للغائب المنتظر، تمشين بتؤدة ووقار فوق جمر الحرمان، زادك إلحاق الأمل وغناء وطن دائم الثوران...
أن تكوني أم أسير أو زوجته، هي أن تحتضني صورته بين ذراعيك الدافئتين، فلا يتهتك إهابها ولا يغيم إشراقها مهما زحف الزمان بكما.
أن تكوني أم أسير أو زوجته هي أن تزدحم بك الطرقات والمركبات والقبور، وتشق عليك المسافات والعهود والمسمَّيات، لكنك لا تلوين على تعب ولا تنكصين من تعب، وتمضين في عناد تطرقين أبواب الزنازين بقبضتي الوفاء والحنين، وترعبين السجان بتسبيحات السّحر، وتعويذات الحِرز، وآيات الياسين.
أن تكوني أم أسير أو زوجته، هي أن تكوني استثنائية بين نساء العالمين بصبرك، وعطائك، وفدائيتك، كما هي فلسطين استثنائية بين مدائن الدنيا بجغرافيتها وبمقدساتها ومعراجها.
فبلدٌ استثنائي بحكم السماء يحتاج إلى امرأة استثنائية بحكم الحق والوفاء.