إصابات؛ اعتداء وحشي؛ إخلاء من الغرف والأقسام؛ تنكيل وسحل ومصادرات.. هكذا تبدو عمليات القمع التي تنفذها إدارة السجون الصهيونية بحق الأسرى، ولكن في تفاصيلها ألم أكبر لكل من جربها وما زال.
سياسة القمع تنفذ على مراحل؛ الهدف منها إخماد صوت الأسرى المكبوت أصلاً ومحاولة وأد هويتهم الوطنية التي تزأر مجداً كلما فكر الاحتلال استباحة كرامتهم، وفي كل مرة يخرجون من هذه الانتهاكات أقوى عوداً وأصلب انتماءً.
تفاصيل القمع
تستخدم إدارة السجون الصهيونية كل أدواتها لقمع الأسرى؛ وتدخل في سبيل ذلك مختلف وحداتها المدربة والمدججة بأنواع الأسلحة بهدف إحداث صدمة لدى الأسرى لحظة الاقتحام والقمع، ومن بين تلك الوحدات "المتسادا" و"الدرور" و"اليمام" وغيرها.
الأسير المحرر ياسر مناع من من مدينة نابلس يقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن عملية القمع تبدأ بصفارات الإنذار التي يضرب صوتها في كل السجن وتُسمع طرقات شديدة من أقدام الجنود تدق على الأرض، بينما تعلو أصوات التكبير من الأسرى في أعلى درجة.
أما أصوات الأسرى الذين يتعرضون للقمع والضرب الوحشي فتسمع صرخاتهم في كل الأقسام؛ ويقوم الأسرى الآخرون بالاستعداد لعملية القمع الآتية لدورهم بارتداء ملابس سميكة إن وجدت حتى تخفف من هول الضربات من قبل أفراد وحدات القمع الملثمين وبأيديهم العصي والمصطفين في صف طويل.
ويوضح أن كل أسير في الغرف المستهدفة سيمر عبر هذا الصف الطويل ويتعرض للضرب المبرح؛ ثم تبدأ رائحة الغاز المسيل للدموع بالانتشار في سجن لا تهوية فيه أصلا ولا ترقى أركانه لأي مكان إنساني؛ وتبلغ القلوب الحناجر ويكون الإغماء الجماعي في كل غرفة.
يحاصر الأسرى حتى في داخل غرف السجن؛ يستنجدون دون سامع ويصرخون دون مجيب، أما أنين كبار السن منهم والمرضى فيُسمع مدوياً من الألم في المكان ذاته مقيدين على الأرض بطريقة أقل ما توصف أنها مذلة.
ويضيف مناع:" تكون رؤوسهم إلى الأسفل وأصواتهم تدوي في المكان من شدة الوجع جراء استمرار عملية القمع بحق كافة الأسرى الذين كل أغراضهم تكون فوق بعضها البعض بشكل متعمد وبهدف التخريب والإتلاف وإشغال الأسرى لعدة أيام قادمة".
فشل رغم التجبر
عادة ما تكون عمليات القمع أكثر ما يؤلم في الأسر؛ ولكنها ورغم تفاصيلها القاسية فشلت في تركيع الأسرى على مدار سنوات اعتقالهم؛ فبعد كل عملية قمع يواجه الأسرى عملية القمع بخطوات نضالية تجبر السجان على تحقيق مطالب وإنجازات للحركة الأسيرة .
الأسير المحرر المحامي مصطفى شتات من بلدة بديا قرب سلفيت شهد عملية قمع واسعة في سجن النقب في آذار/ مارس من عام 2018؛ حيث يصفها بالمرعبة وأسفرت عن تحطم أيدي وأرجل أسرى كثر وتم نقلهم عبر المروحيات للمستشفى جراء ذلك، وتم خلالها اقتحام أقسام الأسرى بوحشية لا توصف.
ولكنه أكد أن الأسرى رغم ذلك حققوا إنجازا هاما بصمودهم ومن خلال إسناد خارجي من أبناء شعبهم ومقاومته؛ حيث اضطر السجان إلى الاستجابة لمطالبهم فانقلب السحر على الساحر وأصبح الأسير الذي تعرض للقمع منتصرا والسجان مهزوما.
وأضاف:" أصبح القمع وراء ظهور الأسرى ولم يعد كما خطط له السجان رادعا لهم كما كان يفكر قادة سجون الاحتلال، وأصبحت أوضاع الأسرى بعد القمع أفضل بعكس ما كانت تتوقعه إدارة السجون، وذلك كله لأنهم صمدوا وثبتوا وخططوا جيدا ما جعلهم ينتصرون على سجانهم حتى وهو المتجبر الذي يملك القوة في يده".