سياسة تجهيل متعمدة يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين بكل وسيلة ممكنة؛ فالهدف لديه ليس فقط الاعتقال أو الاعتداء وإنما يرمي بممارساته إلى أهداف أبعد تطال جيلا كاملا بالتجهيل وإبعاده عن المدارس والالتزام بالحياة الأكاديمية.
تلك الحياة باتت مشوهة بالنسبة للفلسطينيين؛ فأدوات الاحتلال جميعها تسعى إلى خلق شريحة واسعة منهم بعيدة عن العملية التعليمية بمختلف الوسائل؛ ولعل الاعتقالات وقرارات الحبس المنزلي هي الأكثر تأثيرا تجاه تحقيق هذا الهدف الصهيوني.
مركز فلسطين لدراسات الأسرى أكد أن المئات من الطلبة الفلسطينيين بفئاتهم المختلفة حرموا من الالتحاق بالعام الدراسي الجديد هذا العام الذي انطلق قبل يومين بسبب إجراءات الاحتلال التعسفية بحقهم من تغييب خلف القضبان أو الحبس المنزلي.
الإحصائيات تشير إلى أن الاحتلال يعتقل في سجونه ٢٣٥ طفلاً فلسطينياً جميعهم من طلبة المدارس بمستوياتها المختلفة الابتدائية والإعدادية والثانوية؛ حيث كان يجب أن يكونوا مع بدء العام الدراسي الجديد على مقاعد الدراسة، ولكنهم لن يستطيعوا أن يلتحقوا بأقرانهم من الطلبة كون الاحتلال يحتجزهم خلف القضبان في ظروف سيئة وبعضهم يقضي أحكاما بالسجن لسنوات طويلة .
الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز أشار الى أن هناك ما لا يقل عن ٥٥ طالباً لن يستطيعوا الالتحاق بالعام الدراسي لاحتجازهم داخل منازلهم قسراً تحت ما يسمى "بالحبس المنزلي" والذي يمنع الأطفال من التحرك خارج حدود منازلهم التي تتحول إلى سجون لهم، وفي كثير من الحالات يحرم الاحتلال من يقبع رهن الحبس المنزلي من التوجه للمدرسة حتى بمرافقة والديه.
هذه السياسة تحرم الطلبة من التعليم وتهدد مستقبلهم، إضافة إلى تعميق الآثار الاجتماعية التي تنتج عن قيام الأهل بممارسة دور السجان على الطفل خوفا وحفاظاً عليه من تهديدات الاحتلال، مما يهدد استقرار العائلة .
وأوضح الأشقر بأن الحبس المنزلي هو احتجاز الطفل بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال في منزله بشكل قسري، بحيث يوقع الأهل على تعهد بعدم خروج ابنهم من المنزل طوال فترة الحبس ولا يسمح له بالذهاب إلى المدرسة أو زيارة أقربائه أو اللعب مع أقرانه في المنطقة المحيطة بالمنزل، ويتحول بذلك بيته الآمن إلى سجن مع اختلاف السجان.
هذه العقوبة تستهدف الأطفال المقدسيين بشكل خاص، حيث يماطل الاحتلال في إجراءات المحاكمة ليوصل الأهل إلى تقديم طلب بالإفراج مع الحبس المنزلي؛ وهو الحد القاسي الآخر من الاعتقال؛ ومع مرور الأيام والأشهر تظهر انعكاسات سلبية على نفسية الطفل السجين في بيته بقرار صهيوني؛ ما يجعله متذمرا ومتوتراً وعدائياً بشكل مستمر، حيث يرى الطفل أصدقاءه وهم يلعبون في الخارج ويمرحون.
واعتبر الأشقر أن الاحتلال يتعمد تدمير مستقبل الأطفال الفلسطينيين باعتقالهم لفترات طويلة وتعريضهم للتعذيب والتنكيل خلال التحقيق، والحجز في ظروف صعبة وقاسية في السجون وإصدار أحكام انتقامية بحقهم، أو بحجزهم في منازلهم التي أصبحت تشكل سجونا لهم، مما يعرض نفسياتهم للتحطيم ويهدد مستقبلهم بما يخدم سياسة الاحتلال.
وطالب المجتمع الدولي الذي أقر اتفاقيات حقوق الطفل التدخل بشكل حقيقي وفاعل، وإلزام الاحتلال بوقف استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال والتنكيل والحبس المنزلي وتوفير الحماية لهم ومعاملتهم حسب القانون الدولي الإنساني.