اختنق صوتها بالدموع وتقطع صوتها مرارا وهي تحدثنا عن ابنها وقطعة قلبها نائل؛ ذاك الشاب الذي كبر في السجون وانتهكت حريته مرارا بسبب الاعتقالات المتكررة.
في قاعة المحكمة كانت أم رائد والدة الأسير نائل الحلبي (٣٣ عاما) من القدس المحتلة؛ تلهج بالدعاء والصلوات أن يعمي الله قلب القاضية الصهيونية -إن كانت تملك قلبا- وألا تنطق بالحكم الجائر، ولكنها انهارت بالبكاء حين سمعت الحكم عليه بالسجن لأربع سنوات وثمانية أشهر.
حكاية الأسر
اعتقل نائل أربع مرات كانت أولها وهو فتى في السادسة عشرة من عمره عام ٢٠٠٤، وأمضى خمسة أعوام خرج بعدها لوالدته شابا يعتمد على نفسه مصقول الشخصية بعد أن كان مدللها وصغيرها.
وتقول أم رائد لـ مكتب إعلام الأسرى إن الاعتقالات تكالبت على أبنائها الأربعة؛ فعام ٢٠٠٤ شهد اعتقال نائل وشقيقه رائد، وبعد خمس سنوات أفرج عن نائل وبدأ مشوار الاعتقال والتضييق والملاحقة بحقه.
توالت الاعتقالات بحق نائل حتى كان آخرها في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من عام ٢٠٢٠، حيث كان يدرس الماجستير في جامعة بيرزيت وعائدا من رام الله إلى القدس بعد غياب عدة أيام، وأثناء ذلك تم اعتقاله على حاجز قلنديا العسكري.
وتوضح الوالدة بأن نجلها تعرض للتعذيب في بداية اعتقاله؛ حيث كان يتعرض للشبح والضرب والتحقيق المستمر، وهو ما أعاد لذهنها اعتقاله الأول الذي تعرض فيه للتعذيب وهو فتى لمدة أربعة أشهر متواصلة.
أشقاء الأسر
الاحتلال يتهم نائل وأشقاءه بالانتماء للجبهة الشعبية ومقاومة الاحتلال وتنفيذ نشاطات تحت إطارها، ولكن قلب أمهم تعب الغياب والأسر والزيارات المذلة.
وتشير إلى أنها منذ عام ٢٠٠٤ وهي تزور السجون؛ وأحيانا كان يصل بها الحال أن تزور بشكل يومي حيث رفض الاحتلال دوما جمع الأشقاء ببعضهم في سجن واحد.
أمضى نائل ما مجموعه أربع سنوات ونصف مجتمعة؛ بينما أمضى رائد ثلاث سنوات ونصف في اعتقالين وأمضى ناصر ست سنوات ونصف ورامي خمس سنوات في عدة اعتقالات.
ولأنهم أسرى محررون يمنعهم الاحتلال من زيارة شقيقهم الأسير؛ ولكن تمكنوا من رؤيته فقط خلال جلسات محاكمته، ولا تزوره سوى الوالدة التي أعياها المرض والقهر.
وتقول:" رغم أنني توقعت الحكم إلا أنني لم أتوقف عن البكاء أبدا منذ لحظة النطق به، ليس في قلبهم رحمة ولا شفقة".
عدة أيام حتى علمت أم رائد باعتقال نجلها نائل؛ حيث أخفى عنها أبناؤها الخبر كي لا تحزن وتبكي خاصة وأنه تبقى له امتحانات ثلاثة فقط للحصول على درجة الماجستير، ولكن الاحتلال حرمه إياها.
وخلال اعتقاله تزوج شقيقه ناصر ولم يحضر زفافه؛ والآن يستعد لاستقبال مولوده الأول؛ بينما أصرت زوجته على حضور جلسة محاكمته الأخيرة مع زوجها كي يراه وهو ممنوع من الزيارات.
وتحدثت الوالدة عن عقوبات يفرضها الاحتلال على عائلات الأسرى تحت اسم الغرامات المالية مع كل حكم؛ حيث تم دفع ٢٤ ألف شيكل غرامة على نائل في كل اعتقالاته، بينما وصلت الغرامات التي دفعتها العائلة عن الأبناء كلهم إلى ٥٠ ألف شيكل.
وتختم قائلة:" هؤلاء حاقدون وليس في قلبهم رحمة، ولكننا لا نخشاهم رغم دموعنا ودعائنا، وسننتظر أسرانا وعودتهم قريبة".