في مثل هذه المناسبة يحلم كل طفل بشراء هدية لوالدته يعبر بها عن حبه لها وسعادته بحلول 21 من مارس الذى يصادف يوم الأم من كل عام، بينما هناك العشرات من أبناء الأسيرات في سجون الاحتلال محرومين من هذا الشعور .
مكتب إعلام الأسرى أوضح أن يوم الأم يأتي ولا يزال الاحتلال يعتقل في سجونه 37 أسيرة فلسطينية من بينهم 12 أسيرة أم لديهن العشرات من الأبناء محرومات من زيارتهم واحتضانهم في يوم الأم مما يؤثر على نفسياتهم بشكل كبير وهن يتذكرن كيف كان يفعل أبنائهم في مثل هذا اليوم قبل الأسر في سجون الاحتلال.
وبين إعلام الأسرى أن الأسيرات الأمهات يحاولن في هذا اليوم اخفاء حزنهن، وألمهن بحضور عيد الأم وهن بعيدات عن أطفالهن ، ورغم شعور الحزن والألم كلما تذكرن أولادهن، وكيف يقضون أوقاتهم بعيداً عنهم، وكيف يرافق بقية الأطفال أمهاتهم إلى الأسواق لشراء الهدايا والألعاب وهم فرحين، بينما أبنائهن محرومين من هذه السعادة لغياب أمهاتهم خلف القضبان، ولكنهن يخفين الحزن والدموع حفاظاً على الروح المعنوية ، ولكى تبقى الأسيرة قوية ولا تشَّمت بها السجان .
معتصم الإبن الوحيد للأسيرة إسراء الجعابيص يوجه رساله لوالدته في عيد الأم يقول لها " لست وحدي من أفتقدكِ، بل وجدتي أيضًا تفتقد أجواء الفرح التي كنتِ تصنعيها في البيت لأجلها، ولأجلي .. كم أشتاق لكِ وكم أحبكِ ويزداد فخري بكِ يومًا بعد يوم، كوني قوية كما عهدتكِ، فأنتِ قوتي وثباتي الوحيد.
آهٍ يا ماما كم هو صعب عليّ أن أستيقظ كل صباحٍ ولا أجدك جواري، كم أشتاق لأطبع قُبلة على خدكِ الوردي قبل ذهابي للمدرسة _كما عادتي قبل اعتقالك_، آهٍ كم أفتقدكِ حينما أشتهي أكلاتي التي أحبها من تحت يديك أنتِ.. ولحديثك معي قبل نومي، ولرسوماتنا معًا .
وأضاف معتصم أعرف أنه ليس بوسع الكلمات أن تُسعف في كل مرة وليس بوسع الشعور .. ولكنّ سأظل أدعو دائمًا دائمًا متمسكًا بأمنيتي الوحيدة بأن أعود يومًا من مدرستي إلى البيت فأجدكِ تنتظريني ويذوب البُعد وتعود البهجة لحياتي، وأنا لازلت عند وعدي لكِ حين تتنفسين الحرية سأشتري لكِ كريم خاص لإزالة الحبوب .
من جانبه قال مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الأسيرات يشعرن بالمرارة والقسوة كلما مر عليهن مناسبة وهن لا يزلن في سجون الاحتلال بعيداً عن الأهل والأحبة، ولكن معاناة الأمهات منهن تكون مضاعفة لافتقادهن إلى أبنائهن خلال تلك المناسبات وخاصة التي يحتاج فيها الأطفال الى وجود الأم بجانبهم.
وأشار المركز إلى أن الأسيرات الأمهات يعشن حالة نفسية صعبة نتيجة القلق الشديد، والتوتر والتفكير المستمر بأحوال أبنائهم وكيفية سير حياتهم بدون أمهاتهم، وخاصة آن بعضهم لا يزال صغير السن ولم يتجاوز السنوات الثلاثة الأولى من عمره، وهذا القلق يزداد هذه الأيام في ظل انتشار جائحة الكورونا .
وبين مركز فلسطين أن الأسيرات الأمهات لديهن العشرات من الأبناء في مختلف الأعمار ومنهم من لم يتجاوز عمره عدة شهور حين اعتقال والدته، فقد اعتقل الاحتلال الأسيرة "نسرين حسن ابوكميل" من قطاع غزة، وكان لديها رضيع عمره ثمانية شهور فقط، وصدر بحقها حكم بالسجن لمدة 6 سنوات، ولم ترى أبنائها منذ اعتقالها قبل 5 سنوات .
وتطرق المركز إلى ظروف الأسيرات المعيشية والصحية الصعبة والقاسية، مشيراً الى أن إدارة السجن تتعمد التضييق عليهن وإذلالهن وحرمانهن من كافة حقوقهن الأساسية، وعدم توفر الخصوصية نتيجة وجود كاميرات مراقبة على مدار الساعة، ووضع الحمامات خارج غرف الاعتقال، ولا زالت إدارة السجون تمارس سياسة اقتحام الغرف في ساعات متأخرة من الليل بهدف التفتيش، كما تعاني الأسيرات من التنقل بسيارة البوسطة والتي تعتبر رحلة عذاب بالنسبة للأسيرات .
إضافة إلى افتقارهن إلى الملابس والأغطية واغراض الكنتين، ويتعرضن لسياسة الإهمال الطبي المتعمد سواء للحالات المرضية بين الأسيرات أو الجريحات اللواتي أصابهن الاحتلال بالرصاص حين الاعتقال، كما تشتكى الأسيرات منذ سنوات طويلة من عدم وجود طبيبة نسائية في عيادة السجن لرعاية الأسيرات، وعدم صرف أدوية مناسبة للحالات المرضية.
بينما أكدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أن إدارة سجون الاحتلال، تحرم أطفال وأبناء الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضان أطفالهن وأبنائهن، ومنذ بداية انتشار الوباء ووقف زيارات عائلات الأسرى، إذ مُنع أطفال الأسيرات والأسرى من الزيارة منذ البداية، وتقلصّت الزيارات من واحدة لكّل شهر الى واحدة كلّ شهرين واقتصرت على فرد واحد بالغ من العائلة.
وأشارت مؤسسة الضمير الى أن الأسيرات الفلسطينيات تتعرض لكافة أنواع التّنكيل والتّعذيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل فجراً وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقاً احتجازهن في السجون وإبعادهّن عن أبناءهن وبناتهّن لمدّة طويلة، وقد وصلت حالات الاعتقال للنساء منذ العام 2015 إلى (900) حالة، كان من بينهن أمهات أسرى وشهداء، وفتيات قاصرات، عبر عمليات الاعتقال الممنهجة، لا سيما في القدس.
وقالت المؤسسة ان الأسيرات الأمهات يخضعن للتحقيق ولمدة طويلة يرافقه أساليب التعذيب الجسدي والنفسي منها: الشبح بوضعياته المختلفة، وتقييدهن طوال فترة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والتحقيق المتواصل، والعزل والابتزاز والتهديد، ومنع المحامين من زيارتهن خلال فترة التحقيق، وإخضاعهن لجهاز كشف الكذب، والضرب المبرح كالصفع المتواصل، والعزل الانفراديّ كما وتعرضت عائلاتهن للتنكيل والاعتقال والإستدعاء كجزء من سياسة العقاب الجماعي، إضافةً الى ذلك فأن الأسيرات الأمهات يحرمن من رعاية طبية دورية من قبل طبيبة نسائية مختصة.