النائب النتشة .. الرجل الذي يخشى الاحتلالُ حريتَه !
النائب محمد النتشة
إعلام الأسرى 

في مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة تراقب مخابرات الاحتلال جيداً تحركات النواب الإسلاميين ونشاطاتهم، ورغم أنها لا تتركهم خارج الأسر لبضعة أشهر إلا أنها تسلط تركيزها بشكل أقوى على واحد منهم بل تعتبر حريته أمراً غير مقبول لديها في معظم الأحيان.

هذا ما يتبين جلياً في حياة النائب عن كتلة حماس البرلمانية محمد جمال نعمان عمران علاء الدين النتشة الذي ولد في شباط من عام ١٩٥٨، أي أنه يبلغ من العمر الآن ٦٠ عاما.

سيرة وتجارب مريرة

درس أبو همام في الجامعة الأردنية وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية عام ١٩٨٢، لم يكن وقتها قد بدأ حكايته مع الاعتقالات التي استمرت عقوداً بحقه، حيث كانت أولى تجاربه مع الاعتقال في أكتوبر من العام ١٩٨٨ التي مكث فيها ما يقارب عاما ونصف، وكان وقتها يعمل مدرسا في رابطة الجامعيين في الخليل.

أعاد الاحتلال اعتقاله في يناير من عام ١٩٩١ ليمكث في الأسر عاما وتسعة أشهر، ثم اعتقل لتسعة أشهر في نهاية عام ١٩٩٢، بينما كانت المرة الرابعة في أبريل من عام ١٩٩٤ لمدة أربعة أشهر.

ولأن الاحتلال يخشى هذا الرجل الصامت الذي عمل في حقل الدعوة الإسلامية بتفانٍ قرر إبعاده مع مئات من الإسلاميين في مطلع التسعينيات إلى مرج الزهور جنوب لبنان، ليتجرع مرارة الإبعاد والاعتقال بعيدا عن عائلته.

لم يكن الشيخ النتشة يعلم أن قدوم السلطة إلى مدن الضفة سيزيد رصيده من الاعتقالات والمعاناة؛ حيث اعتقلته عناصرها في يونيو عام ١٩٩٦ لمدة عشرة أشهر، وبعدها بعام تم اعتقاله لعامين لديها وأفرج عنه بشرط الإقامة الجبرية في منزله حتى جاءت قوات الاحتلال لاعتقاله في تاريخ السابع عشر من يوليو عام ٢٠٠٢ وحكم عليه بالسجن لثماني سنوات ونصف أمضى منها ستة أعوام في العزل الانفرادي.

وفي عام ٢٠٠٦ قررت حركة حماس خوض الانتخابات التشريعية التي فازت فيها بأغلبية ساحقة؛ كان الشيخ النتشة على رأس المنتَخَبين في مدينته رغم وجوده داخل الأسر، وحصل على ثقة شعبه الذي أحبه وقدّر سنوات سجنه ومعاناته وتجربته المقاوِمة.

أفرج عن النائب عام ٢٠١٠ بعد ثمانية أعوام من الاعتقال، ليبدأ بعدها في دفع فاتورة ترشحه ضمن قائمة حركة حماس، حيث أعيد اعتقاله في يناير من عام ٢٠١١ ويمكث عامين كاملين في الاعتقال، تنفس بعده الحرية لتسعين يوما فقط ثم أعيد اعتقاله في مارس من عام ٢٠١٣ ليمكث عامين في الاعتقال الإداري، ولم يكد يتحرر منها حتى أعيد اعتقاله في سبتمبر من عام ٢٠١٦ إدارياً حتى أفرج عنه في يوليو من عام ٢٠١٨.

تزوج النتشة من السيدة الصابرة الوقورة أحلام الشعراوي وأنجب منها أربعة أبناء هم همام وإسلام ومحمد وولاء، ولم يسلموا هم أيضا من دوامة الاعتقال حيث تعرض نجله إسلام للأسر لمدة تزيد على العام.

الصابر أبداً

يرى المقربون من الشيخ النتشة أنه الرجل الصابر بامتياز في فلسطين؛ فهو أمضى ما يقارب ٢٢ عاما في السجون أي ثلث عمره في الأسر.

ويُجمع الأسرى والمحررون الذين عايشوه أنه يملك إرادة وعزيمة وصبرا يعادل أضعاف ما أمضاه من سنوات اعتقال، بينما حوّل الخطيب المفوّه أسره إلى منحة بدلا من المحنة وكان خطيبا للأسرى في السجون.

ويعتبر المقربون منه أن الشيخ النتشة رجل بأمة "غاب لنحضر وقُيّد لنتحرر وضحى لنرقى وأوذي لنُصان وعُزل لترتفع كلمة الحق وفلسطين، هو نموذج عالمي قل مثيله صبراً وعلماً ومقاومةً وعطاء؛ تعجز أمامه طاقات الشباب وتصغى له حكمة الكبار".

وربما من أبرز المواقف المؤثرة التي مرت على الشيخ في سجنه وما أكثرها؛ أن يصله خبر استشهاد والدة زوجته السيدة ثروت الشعراوي برصاص الاحتلال في انتفاضة القدس الأخيرة، فما كان إلا صابرا محتسباً كما اعتاد.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020