نفّذت قوات الاحتلال الإسرائيليّ، حملات اعتقال واسعة في أنحاء فلسطين كافة، وتمكّنت مؤسسات الأسرى في إطار متابعتها توثيق عدد حالات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر في الضّفة الغربية والقدس المحتلتين، وبلغت حالات الاعتقال حتى اليوم ما لا يقل (8430) حالة اعتقال في الضّفة والقدس، والتي شملت كافة فئات المجتمع الفلسطينيّ، من بينهم (280) سيدة وفتاة (حيث تشمل هذه الإحصائية النساء اللواتي اعتقلن من الأراضي المحتلة عام 1948، والنساء اللواتي اعتقلنّ من الضّفة ويحملن هويات تشير إلى أنهم سكان غزة)، فيما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال ما لا يقل عن (540) علمًا أنّ حالات الاعتقال تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا.
علمًا أن غالبية من أبقى الاحتلال على اعتقالهم جرى تحويلهم للاعتقال الإداريّ، أو تقدمت بحقهم لوائح (اتهام) حول (التحريض) على مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما يواصل الاحتلال الإسرائيليّ تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة، ولم يتسنّ للمؤسسات الحصول على أعداد دقيقة لمن تعرضوا للاعتقال في غزة، إلا أنّ عددهم يقدر بالآلاف، فمنذ بداية العدوان، رفض الاحتلال الإفصاح عن أي معطيات حول أعدادهم، وأماكن احتجازهم، وكذلك أوضاعهم الصحيّة.
وقد بلغ عدد إجمالي الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى بداية (نيسان) أكثر من (9500)، فيما يبلغ عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال أكثر من (3660)، وبلغ عدد من صنفهم الاحتلال (بالمقاتلين غير شرعيين) (849) وفقًا لما أعلنت عنه إدارة السجون وهذا المعطى الوحيد المُعلن بشأن معتقلي غزة في السجون.
هذا إضافة إلى عمليات الاعتقال الواسعة في الأراضي المحتلة عام 1948 وتحديدًا على خلفية ما يسمى (بالتحريض).
حالات الاعتقال لا تعكس فقط التصاعد في أعداد المعتقلين وإنما في مستوى الجرائم الممنهجة والمتواصلة
لم يكن تاريخ ما بعد السابع من أكتوبر، وبدء حرب الإبادة في غزة، هو بداية عدوان الاحتلال بل شكّلت كل الجرائم الراهنّة امتدادًا لجرائم متواصلة على مدار عقود طويلة، وقد عكست حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر، مستوى عالٍ من التوحش بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، والتي شكّلت كذلك امتدادا للجرائم والانتهاكات التي انتهجتها بحقّهم قبل هذا التاريخ إلا أنّ المتغير الأساسي في ذلك هو كثافة هذه الجرائم.
ومن أبرز السياسات والجرائم والانتهاكات وعمليات التّعذيب التي رصدتها المؤسسات بعد السابع من أكتوبر خلال حملات الاعتقال التي ينفذها الاحتلال من خلال اقتحام المنازل أو من خلال عمليات الاعتقال على الحواجز أو عبر عمليات الاستدعاء:
عمليات الإعدام الميداني، وإطلاق النار عليهم بشكل مباشر قبل الاعتقال، أو التهديد بذلك، بالإضافة إلى الضرب المبرّح، وعمليات التّحقيق الميداني التي طالت المئات، وعمليات الترويع والإذلال، والاعتداءات الجنسية، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية ورهائن، عدا عن عمليات التّخريب الواسعة التي طالت المنازل، ومصادرة مقتنيات وسيارات، وأموال، ومصاغ ذهب وأجهزة الكترونية، إلى جانب هدم وتفجير منازل تعود لأسرى في سجون الاحتلال.
وقد أدت هذه الاعتداءات، والجرائم الممنهجة إلى ترك آثار خطيرة على حياة المعتقلين وعائلاتهم، خاصّة أن التّهديدات لا تتوقف عند عملية الاعتقال، بل تواصل أجهزة الاحتلال من خلال جملة أدواتها بتهديدهم ومراقبتهم، وتنفيذ استدعاءات وتحقيقات.
نذكّر أن العشرات من الصور ومقاطع الفيديو كان الاحتلال قد نشرها منذ بداية العدوان، لعمليات الاعتقال، تعكس عمليات التّعذيب والإذلال التي نفّذها بحقّهم، وعمليات احتجازهم بظروف حاطة للكرامة الإنسانية، وكان من بينها العديد من الصور لعلميات الاعتقال الجماعيّ لأبناء شعبنا في غزة، منهم ما أظهرت احتجازهم وهم عراة ومقيدين ومعصوبي الأعين في ظروف مروعة وقاسية، هذا عدا عن جريمة الإعدام الميداني التي نُفّذت بحقّ معتقلي غزة، منذ بداية الاجتياح البري، وطالت نساء وأطفال وكبار في السن ومرضى وجرحى.