لم يعد مصطلح الاعتقال الإداري يمر عاديا على الأسرى الفلسطينيين؛ بل أصبح معناه القهر والظلم وكل ما هو منتقص لحقوقهم وحريتهم التي انتزعت في عتمة الليل، وباتت أيام اعتقاله تشكل ثقلا كبيرا على الأسير الذي قرر أن يضع حدا له.
وربما كان الإضراب عن الطعام بشهادة من جربه هو السلاح الأنجع للأسرى كي يرفعوا ثقل هذا الظلم عنهم، فدخلوا فرادى في معارك منفصلة فوجا بعد فوج ليقولوا كلمتهم بأمعائهم الخاوية وينتصروا على هذا الاعتقال البغيض.
ومن بين المنتفضين ضد هذا القهر كان الأسير إسماعيل علي (31 عاما) من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة والذي يواصل معركة الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 70 يوما دون أن يتنازل عن حقه في الحرية.
وتقول شقيقته أحلام لـ مكتب إعلام الأسرى إن الاحتلال يتكتم على الوضع الصحي للأسير ويمنع عنه زيارات المحامين، حيث لا تعرف العائلة أي معلومة حول صحته وترفض إدارة السجون التعاطي مع أي جهة حقوقية بشأن حالته.
وتوضح بأن عائلة أحد المعتقلين الجنائيين رأت شقيقها في المستشفى فيما يبدو لتدهور صحي أصابه خلال الإضراب وأخبرت العائلة أنه يعاني من فقر في الدم ودوار وصداع شديدين وبدت عليه علامات التعب الحاد.
وتبين بأن المحامي ممنوع من زيارته وأنه رآه فقط في إحدى جلسات المحكمة قبل عشرين يوما وأخبر العائلة بأنه متعب، ولكن محامية كانت في زيارة لأسير آخر أبلغت العائلة بأنه يعاني من نقص حاد في الوزن وعدم قدرة على السير وهبوط في ضغط الدم.
ويقبع الأسير علي في سجن الرملة الذي لا يقدم فيه الاحتلال للأسرى المضربين سوى المزيد من الحقد والألم، حيث يتذرع بنقلهم لمراقبة وضعهم ولكنهم يتعرضون فيه للإهمال والتجاهل المتعمد.
وتشير شقيقته إلى أن الاحتلال رفض نقله من القسم حتى اليوم السابع عشر للإضراب ثم نقله إلى زنازين سجن النقب الانفرادية، وبعدها قام بمضايقته في محاولة لكسر إضرابه.
وتضيف:" في الزنازين كان يتعرض للكثير من الانتهاكات رغم تعبه حيث كان يتم تفتيشه باستمرار وسحب الفرشة منه من السادسة صباحا وحتى المساء كي يضطر للجلوس رغم إضرابه، كما كان لا يسمح الخروج للفورة إلا نصف ساعة يوميا، وكان يتعرض للمساومة والتعذيب النفسي".
مناشدات بلا فائدة
وتعيش عائلة الأسير علي على أمل الإفراج القريب عنه وانتصاره في إضرابه عن الطعام كي يقهر الاعتقال الإداري ويخرج بصحة جيدة ليكمل مشوار حياته.
وتقول شقيقته إن هذا هو الاعتقال السابع للأسير حيث كان أمضى سبع سنوات مجتمعة في سجون الاحتلال، مبينة بأنه كان محكوما بالسجن لمدة ست سنوات وقبل أن ينهيها تحرر في الدفعة الثانية من صفقة وفاء الأحرار ثم أعيد اعتقاله ليحكم لمدة 38 شهراً، وبعد عام واحد من الإفراج عنه تم اعتقاله.
وتوضح بأن شقيقها كان يستعد لحفل زفافه حين تم اعتقاله؛ حيث كان من المفترض أن يتم بعد شهر واحد من تاريخ اعتقاله، وبلا تهمة تم تحويله للاعتقال الإداري.
وتتابع:" هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحويله للاعتقال الإداري، حيث كان دائما يتعرض لهذا الاعتقال بعد إنهاء حكمه، وفي هذا الاعتقال هدده أحد الضباط بأنه سيمكث عاما ونصف في الإداري فقرر أن يخوض الإضراب عن الطعام لرفع هذا الظلم وللتخلص من همجية الاحتلال، وبعد أن صدر قرار بتحويله للإداري لمدة ستة أشهر تم تجديده له فور انتهائه بستة أشهر أخرى فقرر الإضراب احتجاجا".
وتشكو العائلة من نقص الاهتمام الشعبي والرسمي بقضايا الأسرى المضربين الذين يدفعون من حياتهم ثمنا لرفض الاعتقال الإداري.
وتبين شقيقته بأن المناشدات لم تعد مجدية للتحرك المطلوب وأن الهيئات الحقوقية والرسمية مطالبة بالاهتمام أكثر بملف الأسرى المضربين، داعية إلى مزيد من الحراك الشعبي من أجل الضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالب المضربين وإنهاء هذا الاعتقال بحقهم.