لم يعد قلبها قادراً على تحمل انتزاع أفراح بيتها فرحاً يتلو فرح، ما تلبث تُعد لسعادةٍ قادمة حتى تُخطف أمام ناظريها، وتضاف إلى تراكماتٍ أخرى من الحزن والصبر والانتظار.
في قرية عراق بورين، جنوب غرب مدينة نابلس، كانت أم مالك قادوس تجهز لفرحة زفاف ابنها التي كانت قد تحددت في شهر نوفمبر القادم، كان همها لا يتعدى أن يكتمل الفرح دون منغصات ودون فقدان أي تفاصيل من تجهيزات السعادة، ليعود الاحتلال ويسرق منها من جديد فرحةً انتظرتها طويلاً.
تقول أم مالك قادوس في حديثٍ لمكتب إعلام الأسرى" بتاريخ 11/9/2019 اقتحم جنود الاحتلال المنزل، بعد أن فجروا بابه، وتسبب الاقتحام بإرعاب الأطفال الصغار، وبعد التفتيش تم اعتقال نجلي مالك فاتح قادوس(27عاماً) وعقب أيام من اعتقاله تواصل محاميه معنا وأبلغنا بأن الاحتلال حوّل مالك للاعتقال الإداري، وأصدر بحقه أمراً إدارياً قابلاً للتجديد ومدته ستة أشهر".
الأسير مالك قادوس يتواجد حالياً في سجن مجدو، وقد خطفت منه من جديد حريته، فقد كان تحرر من اعتقاله السابق بتاريخ 21/5/2019، بعد قضاء 28 شهراً أمضاها أسيراً، ووجّه له الاحتلال آنذاك تهمة إطلاق نار على جنوده، والضلوع في تنفيذ عملية أدت لإصابة أحد الجنود إصابة طفيفة.
تماماً قبل اعتقال الأسير قادوس كانت والدته تغرق في تفاصيل التحضير لزفافه، فقد وجدت له شريكة حياةٍ مناسبة قبل 10 أيام، وبعد الاتفاق بدأ التجهيز لحفل زفافهما الذي كان سيقام في شهر نوفمبر القادم لو أن اعتقاله لم يحدث.
بقلبٍ ممتلئ بالغصة تقول أم مالك" ابني يملك أحلاماً كأي شابٍ آخر يود لو يعيش حراً، ويؤسس لحياةٍ مستقلة، لم يرتكب جرماً يستدعي اعتقاله، لم يفعل شيئاً، وما من لائحة اتهام بحقه، فقط تم تحويله للاعتقال الإداري دون تهمٍ تذكر".
تحاول أم مالك أن تبقي منزلها وأبنائها الخمسة تحت جناحها، غير أن سجون الاحتلال اليوم تغلق أبوابها على اثنين منهم، فابنها محمد(19عاماً) معتقلٌ أيضاً لدى الاحتلال ويتواجد في سجن جلبوع، وقد حرم هو الآخر من حقه في إكمال تعليمه بصورة طبيعية.
توضح أم مالك لمكتب إعلام الأسرى" محمد اعتقل منتصف شهر آذار للعام 2016، وصدر بحقه لاحقاً حكمٌ بالسجن مدة سبع سنوات، محمد اضطر لأن يلتحق ببرنامج الثانوية العامة من داخل الأسر، ولا زلنا بانتظار نتيجته حتى الآن، فقد تقدم لامتحان الثانوية العامة هذا العام فقط".
أم مالك حرمت قبل أيام من حقها في رؤية نجلها محمد في سجن جلبوع بعد أن أبلغها الصليب الأحمر بحرمانها من الزيارة، في ظل الأحداث الأخيرة في سجن جلبوع وإضراب الأسرى عن الطعام، ضد أجهزة التشويش المسرطنة، وهي بانتظار أي معلومة من شأنها أن تطمئن قلبها عن نجلها محمد.
في كل يوم تستيقظ أم مالك صباحاً على أمل وصول أخبار جديدة عن ابنها، ولا تزال غير مصدقة أن الاحتلال ونيابته أصدر حكماً إدارياً بحق نجلها في الوقت الذي كان محاميه يطمئنهم بأن لا تهم عليه، ولا تزال غير مصدقة أن اثنان من أبنائها الآن قيد الاعتقال، ولا معلومات كافية تصلها عنهما.
برفقة أبنائها الثلاثة الباقين، جاسر ونصر الله وهمام، ستنتظر أم مالك حقها في الحصول على معلومات عن نجليها وحقها في أن تفرح بهما بعيداً عن سجون الاحتلال وإذلال الزيارة والمعابر والتفتيش، وبأملٍ لا زال في قلبها ستواصل التحضير لزفاف نجلها، علَّ الحرية تفاجئ منزلها قريباً.