أعاد استشهاد الأسير المريض بسام السائح ذاكرة الأسير المريض المحرر عبد الناصر الرابي (48عاماً) من سكان قلقيلية إلى الوراء حين كان معتقلاً في سجون الاحتلال مدة عامين إداريين.
يروي الرابي تجربة الإهمال الطبي الذي لحق به خلال فترة اعتقاله تلك وحتى تحرره بتاريخ 18/7/2018، يقول" في شهر نوفمبر توجهت لعيادة سجن النقب، وأخبرت الطبيب أنني أشاهد دماءً قاتمة اللون مع البراز وأحياناً سوداء وعلى شكل خيوط، وأن هذا الأمر مستمر ولا يتوقف، فسألني الطبيب: هل تحس بألم عند الإخراج فأجبته بالنفي، وعندها قال لي الطبيب: يجب أن يراك طبيب اختصاصي وسوف يتم عمل منظار لك".
يضيف الرابي" مرت الأيام والأسابيع ولم يتم إرسالي للطبيب الاختصاصي، رغم ترددي المستمر على عيادة السجن ورغم تدخل ممثل الأسرى والحديث مع استخبارات السجن ومسؤول العيادة والصليب الأحمر حول الأمر".
بألمٍ تابع الرابي سرده لتفاصيل ما تعرض له من إهمالٍ طبي خلال فترة اعتقاله، يقول" بتاريخ 27/1/2019 وبعد تمديد اعتقالي الإداري للمرة الرابعة، قام المحامي بإخبار القاضي أني أنا موكله الرابي أعاني من سرطان القولون (وهذا مثبت في محضر المحكمة)، فقام القاضي بتأجيل قرار تثبيت الإداري لمدة أسبوع وقام بمراسلة إدارة السجون لإرسال التقرير الطبي للاطلاع عليه".
بتاريخ 18/2/2019 صدر القرار بحق الأسير الرابي وهو تثبيت الأمر الإداري بحقه مدة ستة شهور، وقال القاضي: بعد الإطلاع على الملف الطبي تبين وجود عدة أمراض لدى الرابي، وهو يأخذ الدواء لها، وأما موضوع السرطان فهذا بحاجة لعمل منظار.
تأجيل متعمد
يستكمل المحرر الرابي حديثه" بعد أسابيع تم إرسالي للأخصائي في سجن ايشل، وبعد الفحص تم اتخاذ قرار بضرورة عمل منظار لي واستمرت المماطلة حتى تاريخ 4/4 /2019 وهو تاريخ موعد المنظار، وتم تأجيل الإرسال بحجة أنني عضو في حماس، وهذا موضح في الورقة رقم 3 في ملف المحكمة، وفي العاشر من نيسان الماضي في محكمة الاستئناف كرر المحامي طلب توفير العلاج لي، وأوصى القاضي بذلك ولكن لم يحدث شيء".
حاملاً أوراق ملف المحكمة بين يديه كمستندات تدين الاحتلال في مماطلته في علاجه من سرطان القولون، يقول الرابي" بينت أوراق الملف الطبي في المحكمة أنه تم تأجيل المنظار إلى تاريخ 15/5/2019، ولم يتم إرسالي للفحص، وتم تأجيل الموعد حتى تاريخ 23/5/2019 حسب ما هو ظاهر في الملف، وفي ذلك التاريخ تم إرسالي لمستشفى شعري تسيدك في القدس لعمل المنظار".
بعد انتظار جاء الطبيب، يقول الرابي" سألني هل تناولت الأدوية التحضيرية للمنظار والتي تنظف القولون، فكان جوابي: لم يتم إعطائي أي أدوية لهذا الغرض، فأخبرني الطبيب أنه لا يمكن إجراء المنظار بدون أخذ تلك الأدوية وتمت إعادتي للسجن، بدون عمل فحص المنظار".
ويسرد المحرر المريض الرابي التجربة المريرة في العلاج قائلاً" في اليوم التالي جاء مسؤول العيادة للقسم فوجه لي سؤالاً: لماذا لم يتم إحضار الأدوية التحضيرية، فرد المسؤول أنه حصل خطأ والأدوية أعطيت لشخص آخر، ووعد المسؤول أن يتم عمل المنظار خلال أيام، واستمرت المماطلة حتى تاريخ 15/7 حيث جاء الممرض ومعه الأدوية التحضيرية، وأخبرني أن فحصي سيكون بتاريخ 17/7 فقلت له: سيفرج عني بتاريخ 18/7 ولن يكون هناك فائدة من الفحص لأن النتائج ستظهر بعد الإفراج عني، ولذلك تم إلغاء الفحص".
نهاية مؤلمة
بتاريخ 18/7/2019، أفرج الاحتلال عن الأسير الرابي بعد عامين في الاعتقال الإداري، سبقها سبع سنوات متفرقة، وبعد إجراء الفحوصات تبين أن الأسير الرابي يعاني من سرطان القولون وأن تأخير الفحص والعلاج قد فاقم من حالته.
في ختام اللقاء مع المحرر المريض الرابي، تسائل" هل ما حصل معي جزء من عملية الإهمال الطبي المعتادة أم أنه تصرف مقصود منه إلحاق أكبر ضرر بالأسير ذاته؟ ويجيب بنفسه، أسرانا المرضى ملفهم الطبي مجهول، وهناك أخطاء طبية قاتلة تحدث بحقهم وتدفن في عيادات السجون، ولا يوجد أي تحقيق بها".
المحرر المريض الرابي يطالب بضرورة تحرك الجهات الإنسانية والحقوقية؛ لنبش كل ملفات الأسرى المرضى داخل السجون وبعد تحررهم؛ لإدانة الاحتلال على تجاهله المتعمد لعلاجهم.