كما الكثير من العائلات الفلسطينية تسجل عائلة العروج من مدينة بيت لحم سجلاً عاليا في تاريخ الاعتقالات على يد الاحتلال، فهو كان اعتقل أربعة من أبنائها أفرج عن أحدهم مؤخرا، وبقي منهم الأسرى إسماعيل وإبراهيم وعيسى.
يقاسي الأشقاء الثلاثة ظلم السجان، فإبراهيم يعتبر أقدم أسير إداري منذ 27 شهراً متتالية، وعيسى طالب جامعي اعتقل في نوفمبر الماضي، بينما إسماعيل له حكاية أقسى مع القيد والتنكيل.
في الثالث من آذار/ مارس من عام 2014 اقتحمت قوات الاحتلال منزل المواطن إسماعيل العروج في قرية جناتا قرب بيت لحم وبعد تفتيش طويل ودقيق تم اعتقاله ونقله إلى جهة مجهولة، ظنت العائلة أنه اعتقال لن يدوم إلا أياما ولكن الاحتلال كان يخطط لشيء آخر.
وتقول زوجته أم عبد الله لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال أصدرت عليه حكماً جائرا لعدة سنوات، حيث كانت حاملاً بطفلهما الوحيد "عبد الله" والذي أنجبته ووالده في السجون.
وتضيف:" كانت أوقاتا قاسية ولم نتوقع أن يكون بحقه هذا الحكم الجائر ولكن بعد ذلك فوجئنا بظلم أكبر".
في الحادي والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2016 وبينما تقضي العائلة أوقاتها في الصبر والاحتساب؛ اقتحمت قوات الاحتلال منزل الأسير واعتقلت زوجته أم عبد الله، وهناك بدأت معاناتها مع التحقيق والضغط والتنكيل.
جمعها الاحتلال بزوجها قرابة خمس مرات ضمن جولات التحقيق القاسية؛ ومكثت شهرا على هذا الحال، انتزعوها من طفلها الرضيع الذي كان متعلقا بها وليس له إلا هي، وأبقوها في زنازين التحقيق كي يلفقوا له تهمة جديدة وبالفعل كان ذلك.
وتقول:" حين تم اعتقالي عانيت من آلام الفطام الحادة لأنهم أبعدوني عن طفلي عنوة، وبقي فكري مشغولا به أين ينام ومن يرعاه، كانت أوقاتا لا يمكن وصفها، وبعد كل ذلك أضيفت تهمة جديد لزوجي وأصبح حكمه سبع سنوات ونصف تنتهي في عام 2021، علما أنه أمضى ما يقارب عشر سنوات في الأسر جلها في الاعتقال الإداري".
عزل ومنع زيارة
ولأنه الاحتلال الصهيوني فيجب أن تكون للقصة أبعاد أخرى مؤلمة، فهو لا يستطيع ان يكتفي فقط بالسجن والحرمان بل زاد على عذابات العائلة عزلا ومنعا من الزيارات.
وتوضح زوجته بأن الاحتلال وقبل ما يقارب العام نقل زوجها عقابياً إلى زنازين العزل، وبعد أن يمضي شهرين في أحد أقسام العزل يتم نقله إلى عزل انفرادي جديد بحجة تشكيله خطرا أمنياً، حيث يقبع حاليا في عزل سجن ريمون منفصلا عن الحياة كلها حتى عن حياة الأسرى ولا يراه إلا المحامي.
ومنذ منتصف عام 2015 لم يسمح الاحتلال لزوجته برؤيته بحجة المنع الأمني، وبعد ذلك تذرع بأنها أسيرة محررة لأنه اعتقلها ثلاثين يوماً ومنعها من الزيارة ليحرم الزوجين من اللقاء رغم أنهما لم يعيشا سوية إلا فترة بسيطة.
أما الطفل عبد الله والذي يبلغ من عمره الآن أربعة أعوام فلا يعرف والده، وُلد بعد اعتقاله وحرمه الاحتلال لقاءه، ينظر إلى صوره ويحاول التعرف عليه ويسأل أمه عنه، ولكنه لا يدرك بأن الاحتلال قرر أن يحرمه من عطف والده وحضنه الدافئ لأعوام قادمة.