حتى باعتقالهم، لا ينسلخ الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني عن قضايا وطنهم وأوجاعه، يراقبون الحدث بحذر يرصدون النتائج، ويحللون واقعاً يروه بوضوحٍ أكثر ممن يستنشقون عبير الحرية، فهم من خرجوا قبل غيرهم لأجل الأرض والكرامة، ودفعوا أعماراً من شبابهم وشباب أطفالهم وزوجاتهم لأجل الوطن.
مكتب إعلام الأسرى تحدث مع عدد من أسرى سجن النقب الصحراوي، الذي يعتبر أقرب سجون الاحتلال لحدود غزة .
رغم الحصار
يعلق الأسير غالب على ما حدث في ذكرى يوم الأرض في غزة، فيقول"نحن أمام ملحمة كبرى وإبداع رغم الحصار، فأهل غزة رغم حصارهم يخرجون معلنين حقهم في العودة، وينصبون خيامهم، وكل خيمة تحمل اسم قرية مهجرة، فبعد 70 عاماً عاد حق العودة بقوة، ولم يتم التخلي عنه رغم مرور سبعة عقود، ونحن في السجن كنا أكثر الناس سعادة بهذه المسيرات التي تؤكد أن هذا الشعب حي".
ويقول الأسير الإداري حسن، والذي بقي على موعد إفراجه قرابة الشهر"مسيرات العودة جَسدت في صفوف الأسرى القوة والأمل، وشاهدنا بأم أعيننا حالة الإرباك في صفوف ضباط السجن الذين أصابهم الخوف من تطور الموقف على الحدود".
يضيف الأسير حسن"هذا الخوف في قلوب ضباط مصلحة السجون كان يقابله حالة من الاطمئنان والنشوة في قلوب الأسرى، الذين يتابعون تفاصيل الميدان أولاً بأول، وحديث كبار السن المهجرين من ديارهم، كان له وقعٌ كبيرٌ في نفوسنا، فهم أكدوا على حقهم في العودة، بإصرار وقوة وتفاؤل، بأن رجوعهم بات مسألة وقت".
هذا هو الرد
أما الأسير خالد، والمحكوم بالسجن مدة خمس سنوات، يقول"هذا هو الرد على قرار ترامب المشؤوم ومجيئه في ذكرى النقب لنقل السفارة في القدس المحتلة، فمسيرات العودة الكبرى كانت رداً مناسباً لهذه العنجهية والغطرسة الأمريكية، والشعب الفلسطيني لم يرفع الراية البيضاء، بل رفع راية العودة في وجه القرار الأمريكي، مشيراً إلى أن الرد على القرار الأمريكي هو العودة إلى القرى المهجرة التي حل محل أهلها غرباء قالوا زوراً أن لهم حقٌ في هذه الأرض".
وعقّب الأسير زياد المحكوم قرابة العام بتهمة التحريض قائلاً"مسيرات العودة الكبرى تعني أن الأجيال كان لها كلمتها في رفض اللجوء، والإصرار على أن العودة حق لا يمكن التنازل عنه، فهو حق ثابت لا يسقط بالتقادم مهما كانت الضغوط التي يمارسها الاحتلال، فالتهويد فشل، والحلول البديلة فشلت".
الأسير الشاب عصام لفت إلى أنه لم يصدق أن هذا الحشد سيكون على حدود قطاع غزة المتاخمة لأراضي الـ48، فالاحتلال أصابه الخوف والهلع، والأهالي كانوا في غاية السعادة والإصرار".
يقول الأسير عصام"خلال متابعتنا لوسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تعليقاتهم مليئة بالتشاؤم والخوف من تطور الموقف إلى مواجهة بين جموع بشرية لا يستطيعون التعامل معها، فجيش الاحتلال تعود على القصف من بعيد والتذرع بوجود مقاومة مسلحة، بينما اليوم جيش من الأهالي مسلح بفكرة حق العودة إلى مسقط الرأس، وحضر الكبير والصغير إلى الحدود لإعلان حق العودة، الحق المقدس، مؤكدين أن لا عودة عن العودة".