لا يكاد يمر شهر على عائلة الجعبة المقدسية الأصيلة التي تقطن بيوت القدس القديمة وتتجذر في حجارتها؛ إلا ويحاول المحتل تنغيص حياتها بكل ما يملكه من بطش وتنكيل.
الأسير المحرر ماجد الجعبة الأب لخمسة أطفال رزق بآخرهم قبل أشهر قليلة؛ لا يكاد يتحرر من سجون الاحتلال حتى يفاجأ بقرار إبعاد أو حبس منزلي أو اعتقال جديد، أما آخر ما تفتقت عنه العنصرية الصهيونية بحقه فكان قرارا بالإبعاد القسري عن مدينة القدس لمدة ستة أشهر.
قرار كيدي
صباح الخميس الفائت اقتحمت قوة من شرطة الاحتلال منزل الجعبة في البلدة القديمة واعتقلته واقتادته إلى مركز المسكوبية للتحقيق، وهناك تم الإفصاح عن نية الاحتلال بحقه وهي الإبعاد الكامل القسري.
ويقول المحرر الجعبة لـ مكتب إعلام الأسرى إنه حين تم اعتقاله الخميس الماضي تم إبلاغه بأن قرار إبعاد سيصدر بحقه ولكن لم تكن نواياهم واضحة بهذا الشأن؛ وبعد ثلاث ساعات من الاحتجاز جاء خلالها ضابط "الشاباك" المسؤول عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك وجلس معه لدقائق تضمنت تهديدا ووعيدا بأن ملاحقته لن تتوقف والتنغيص عليه سيكون في جميع الأماكن.
وأضاف:" قال لي الضابط إن القرار جاء نتيجة تصرفاتي دون ذكر المزيد، ثم تم تسليم مسودة القرار وهو النية بتسليم قرار الإبعاد عن القدس والضفة ومنع التواصل مع أشخاص نشيطين لم يتم تحديدهم بالأسماء، وقالوا إنني أستطيع أن أعترض على القرار حتى يوم الإثنين ولكن ضابط الشاباك أبلغني بأنني يوم الإثنين الساعة الثانية ظهرا ممنوع أن أبقى متواجدا في القدس".
الاحتلال أبلغ الجعبة بتسليمه خريطة توضح له ما هي المتاطق التي يستطيع التواجد فيها؛ والمنطقة الوحيدة هي بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة، بينما أرجع الاحتلال السبب بما ادعاه نشاط الجعبة بحركة حماس وأنه على علاقة مع نشطاء الحركة في القدس والضفة وأنه "ذو مكانة عالية في منظمة شباب الأقصى ويحرك فعالياتها في القدس والأقصى".
ويعتبر الجعبة بأن هذا القرار كيدي لأن ضباط الاحتلال كانوا يقولون له باستمرار إنهم لن يسمحوا له بالتواجد في القدس ولا حتى القيام بأي نشاطات لو كانت اجتماعية أو دينية مثل تحفيظ القرآن أو زيارة عائلات أسرى كانوا معه في السجن.
ويتابع:" القرار لن يثنينا عن حقنا بالقدس ولا يسقط هذا الحق بأي قرار تعسفي ويهدف للتنغيص على حياة المقدسيين وتشتيت شملهم وإبعاد الأطفال عن والدهم وتكثيف المصاريف عليهم لاستئجار منازل جديدة مثلا، وتم إبلاغ المحامي أنه في حال رفضي للقرار سيتم اعتقالي ووضعي على أقرب حاجز عسكري خارج المدينة وسيكون هناك عقاب بالسجن في حال المخالفة وعقوبة مضاعفة".
مسلسل اعتقال وإبعاد
ويروي لنا المحرر الجعبة سلسلة قرارات الإبعاد والاعتقال بحقه؛ حيث تحرر منذ عام فقط وتسلم ثلاث قرارات إبعاد منذ ذلك الحين.
ويقول إن مجموع اعتقالاته بلغ ست سنوات ونصف؛ في عام 1998 تم اعتقاله لشهرين وفي عام 2004 لمدة ست شهور وفي عام 2010 اعتقل لمدة عامين وأربعة أشهر وفي عام 2013 اعتقل لمدة ثلاث سنوات ونصف.
أما عن مسلسل الإبعاد فتم إصدار قرار بحقه بالإبعاد عن المسجد الأقصى عام 2004 لمدة خمس سنوات بواقع ستة أشهر يتم تجديدها فور انتهائها، وفي عام 2013 تم إبعاده لمدة ستة أشهر، وفي عام 2017 تم إبعاده لمدة شهر في شهر نيسان ثم أبعاده في شهر تموز وفي شهر تشرين الثاني لمدة شهر وأسبوعين، كما تسلم قرارا بالإقامة الجبرية في منزله نهاية العام.
ويضيف:" خلال سجني الأحير تعرضت للعزل الانفرادي لمدة ستة أشهر، وبعد تحرري استدعيت للتحقيق خمس مرات وكان يتركز دوماً على نفس التهمة وهي تنظيم شباب الأقصى وحركة حماس وفعاليات ممنوعة ويتم في كل مرة إطلاق سراحي بسبب عدم ثبوت التهمة وعدم وجود دليل".
وتتضح النية المبيتة بحق الجعبة وغيره من أهالي القدس الذين يلاحقهم الاحتلال بشكل مستمر.. في مل مرة يبلغه ضابط الشاباك "لن نسمح لك بالبقاء في القدس"!