كما في كل يوم توجه الحارس المقدسي حمزة نمر إلى عمله في المسجد الأقصى المبارك؛ ليس مدفوعاً بتوفير قوت أطفاله ولكن حبا في المكان الذي ينغرس في قلوب الفلسطينيين جميعاً عظمةً وقداسة.
كان صبيحة اليوم الرابع والعشرين لشهر أيلول عام 2015 حين حاول الحارس القيام بعمله كما اعتاد، اقتحمت مجموعات المستوطنين باحات المسجد وبدأ المشهد المؤلم يأخذ دوره في جرح قلوب الحراس والمصلين، خلال ذلك حاول أحد ضباط شرطة الاحتلال الاعتداء على سيدة وقفت تراقب اقتحامات المستوطنين.
هنا بدأت حكاية الحارس حمزة مع مخابرات الاحتلال والزنازين والمحاكم التي لا تنتهي، فعزة نفسه لم تسمح للضابط بالاعتداء على السيدة بل تلقى الضربات في جسده هو، ولم يكتفوا بذلك فاستجلبوا وحدة من الشرطة الخاصة مكونة من 15 عنصراً انهالوا على الحارس حمزة وحده بالضرب ما أدى إلى معاناته من كسور ورضوض في جميع أرجاء جسده أقعدته على سرير المستشفى لعدة أيام.
ويتابع الحارس نمر لـ مكتب إعلام الأسرى قائلا:" كنت أظن أن الاعتداء علي أنهى القضية ولكنني تفاجأت بأنني كنت رهن الاعتقال حتى وأنا في المستشفى، وبعد عدة محاكم تم الإفراج عني بكفالة بقيمة ألفي شيكل وإبعاد لمدة شهرين عن المسجد الأقصى الذي هو مكان عملي".
من جديد ظن الحارس أن الملف انتهى، وبعيدا عن ذلك بقي يتعرض في كل عام إلى عدة قرارات إبعاد ليبلغ مجموعها خمس قرارات بحقه بواقع عام وشهرين على فترات متفاوتة، وفي كل مرة كان يتم اعتقاله لأيام وتغريمه بكفالات مالية، وهو الوالد لطفل وطفلة يعتاشون على عمله في حراسة المسجد.
في شهر تموز الماضي من عام 2017 تفاجأ الحارس نمر بإعادة فتح ملف عام 2015، ليتهمه الضابط بالاعتداء عليه وضربه بدلا من العكس! وعلى إثر ذلك تعرض للاعتقال والإبعاد من جديد عن الأقصى وبدأت بحقه سلسلة محاكمات جديدة تأجلت آخرها إلى شهر كانون الأول المقبل.
ويضيف:" في آخر جلسة تحقيق فيما تسمى غرف 4 بمركز المسكوبية قال لي الضابط إنني أشكل خطرا على المستوطنين، الأمر إذاً هو محاولة تحطيم رؤوس لأنهم غير معنيين أن يبقى الحراس في الأقصى، يريدوننا كالجماد أن لا نعترض على اقتحامات المستوطنين أو أدائهم طقوسا تلمودية".
سياسة ممنهجة
حسب تطور الأحداث في القدس والمسجد الأقصى ترتفع وتنخفض وتيرة استهداف الحراس، فمثلا خلال هبة باب الأسباط وما تبعها من اقتحامات مكثفة للمستوطنين تتزايد وتيرة الاعتداء والاعتقال والاستدعاء.
ويوضح رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب لـ مكتب إعلام الأسرى بأنه يمكن القول أن عدد حالات الاعتقال التي يتعرض لها حراس المسجد سنوياً تصل إلى 30 حالة، ولكن هذا العدد ليس ثابتا في كل عام بل يرتفع أحيانا في مناسبات عدة كالأعياد اليهودية والتي تحمل معها اقتحامات مكثفة للمسجد ومحاولات متكررة لأداء طقوس تلمودية وهو الأمر الذي يعترض الحراس عليه ويتعرضون لأجله لاعتداءات واعتقالات وقرارات إبعاد عن عملهم.
ويتبع عمل حراس المسجد لدائرة الأوقاف الإسلامية ويبلغ عددهم أكثر من 230 حارساً موزعين على جميع مناطق المسجد الأقصى، ولكن شرطة الاحتلال تمنعهم من إتمام عملهم وتضع العراقيل أمامهم من أجل تسهيل السيطرة على المسجد.