تقف الأم في غرفة ابنتها مثقلة بالوجع، تنظر إلى غرفة خالية من روح مرحةٍ وتحملق في صور تركتها وسرير غير مرتب يروي ليلة الاعتقال، تتساءل كيف هي أوضاعها الآن وتعلق دمعة على طرف مقلتها تحكي الكثير دون كلمات.
لم تكد عائلة أبو سرور تتعافى من صدمة الاعتقال الأولى بحق ابنتها ياسمين (20 عاما) حتى أعاد الاحتلال هذه الذكرى السيئة، هذه المرة من المنزل في مخيم عايدة شمال مدينة بيت لحم جنوب الضفة المحتلة.
أسيران وحُرقة
في السابع عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي اقتحم عشرات الجنود منزل عائلة أبو سرور فجراً، استيقظت ياسمين فزعةً على صوت صراخهم وطرقاتهم الفوضوية على الباب الرئيسي ولم تدرك أن نية الاعتقال مبيتة لها.
تقول والدتها لـ مكتب إعلام الأسرى:" استيقظنا على صوت طرقاتهم ووحشيتهم، ظننت أنه اقتحام للمنزل فقط وتفتيش عادي، ولكنهم بعد تفتيش المنزل ومصادرة بعض المحتويات كالأجهزة الإلكترونية طلب الضابط بطاقة هوية ياسمين، حينها شعرت أن شيئا ما ليس على ما يرام وبدأت دقات قلبي بالتسارع، حين أحضرتها له قال للجنود بالعبرية إنها هي واعتقلوها!".
نُقلت ياسمين إلى جهة مجهولة، وتحول المنزل في صبيحة اليوم التالي إلى مزار لأهالي المخيم الذين لم يعرفوا عن ياسمين إلا ابتسامتها وعفويتها.
تدرك الأم أن هذا عبء ثقيل عليها، فهي تنتظر بفارغ الصبر حرية نجلها الأسير عرفة الذي يقضي حكما بالسجن لسبعة عشر عاما ونصف وأصيب برصاص الاحتلال، ولكنها الآن تعيش القلق بمعانيه على ابنتها التي لا تعرف ما مصيرها.
وتضيف:" كأنهم يريدون لنا أن نعيش القلق كل لحظة، لا يكفي أنهم يعتقلون ابني والآن ابنتي، كيف لي أن أنام ليلا أو أن أتناول وجبة من الطعام؟".
في عام 2015 اعتقل الجنود ياسمين أثناء توجهها لزيارة شقيقها، كانت تحمل الكثير من الكلمات لتقولها له وتنتظر بفارغ الصبر لرؤيته، ولكن المجندات حاصرنها ونقلنها إلى غرفة الاعتقال، هي ظنت في البداية أنها مجرد إجراءات تفتيش ولكن تم تبليغها باعتقالها والحكم عليها بالسجن لثلاثة أشهر.
وتشير الأم إلى أن الاحتلال هذه المرة يؤجل محاكمة ياسمين المرة تلو الأخرى دون أن يعرف أحد ما هي تهمتها ولماذا ما زالت في الأسر تعاني، لافتة إلى أن ابنتها تعرضت للضرب وسوء المعاملة خلال التحقيق معها.
وتتابع:" ابنتي أخبرت المحامي أنها تعرضت للضرب وسوء المعاملة خلال التحقيق معها ولكن لا أحد يفضح الاحتلال وللأسف لا يوجد اهتمام كافٍ بقضية الأسيرات، حاولت مراراً أن أكشف هذا الأمر كي تهتم المؤسسات المعنية ولكن لا أجد من يكترث لذلك!".
ياسمين وغيرها من الأسماء الفتيّة الحالمة بواقع أفضل دون احتلال ولا ظلم ولا اعتقالات.. يقاسين المرار في زنازين القهر ويُبعدن قسرا عن عائلاتهن، فيما يقف العالم صامتاً ينتظر ردود فعل الفسطينيين ليسجلها إرهاباً.