عائداً من الأردن، آملاً بحياةً جديدة، لا ألماً جسدياً فيها ولا نفسياً، سيساعد والدةً وجدت نفسها ذات يوم أماً وأباً له ولأخته، سيستلم جزءاً يسيراً من مسؤولياتها ويحمل ثقلاً معها.
لم يكن قد مضى وقت طويل على عودة الأسير شريف محمد البرغوثي (21عاماً) من سكان قرية عابود، قضاء مدينة رام الله، من الأردن، بعد سفره لتلقي العلاج، حتى شن الاحتلال اقتحاماً لقريته بتاريخ 27/1/2017، واعتقله خلال حملة المداهمات.
بين أنياب المحاكم وتنقلات البوسطة وأقبية التحقيق أمضى الأسير البرغوثي وقته في عد الأيام، وأمضت والدته وقتها في التفكير حول ما يحدث معه، وحول صحته وطرق التحقيق معه.
من مركز تحقيق المسكوبية، إلى عسقلان، ثلاث شهور من العذاب الذي يذوقه كل الأسرى، ويتفرد البرغوثي بحصة وفيرة منه، حتى صدر بحقه حكمٌ بالسجن الفعلي مدته 16 شهراً.
الأسير البرغوثي هو أحد أفراد عائلة تحملت الوالدة فيها الكثير لتربيه وتعلمه، كانت في العشرينيات، حين توفي زوجها وترك لها ابناً بعمر الخمس سنوات، وشقيقةً أخرى، ووقفت هي في وجه الحياة وعدت الأيام لهم ليكبروا ويعيشوا حياتهم، لا ليعتقلهم الاحتلال.
تقول أم شريف البرغوثي" إن دفعنا غرامته المالية سينال حريته في شهر أيار وإلا سينتظر خمسة أشهر أخرى"، شهور طويلة أمضتها العائلة متخوفة من حكم طلبته النيابة بادئ الأم، يقضي بالسجن الفعلي لشريف مدة ثلاث سنوات ونصف، حتى تمكن المحامي من عمل صفقة ب4آلاف شيقل و16 شهراً لأجل حريته.
بتاريخ 28/2/2018، سيتم إرسال الأسير البرغوثي لمحكمة شليش، وتخشى أمه أن يتكرر ما حدث معه سابقاً، حين تم وضعه في غرفة مدة أسبوع كامل رفقة الحشرات والرائحة النتنة.
قبل أيام وصلت عائلة الأسير البرغوثي أخبار عنه تفيد بأنه معاقب في سجن أوهليكدار منذ أسبوعين، دون أن يعرفوا تفاصيل وأسباب العقوبة، فقد منع محامي أسيرهم من حق في رؤية الأسير البرغوثي وزيارته، كما أن زيارتهم التي كان من المفترض أن تتم بتاريخ 6/2/2018 المنصرم، قد ألغيت.
أم شريف من الأمهات الفلسطينيات اللواتي لا يبخلن على وطنهن بقطع روحهن، لكن لهن الحق الكامل في أن يبقى أبناؤهن معهن في هذه الحياة لا أن يلتحقوا بمدافن الأحياء، ويلتحقن هن بمدافن التفكير والانتظار، ويملكن كذلك حق البكاء عليهم فقلوبهن لم تخلق لكي تحتمل الألم وتصبر فقط.