بين ليلة وضحاها تغير حال عائلة شماسنة التي تقطن على قمة جبل في بلدة قطنة شمال غرب القدس المحتلة، فمنذ عامين تقريباً وهي تعيش واقع الشهادة والاعتقال دون أن يرأف الاحتلال بما حلّ بها.
وقد يظن البعض أن القوة التي تحملها تلك السيدة الصابرة تغنيها عن كل ما تمر به، ولكن في داخلها قلب أم احترق مرات عدة على حال الأبناء وغيابهم.
في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2015 وصل خبر إعدام الاحتلال للشاب محمد نظمي شماسنة بعد تنفيذه عملية فدائية في الأراضي المحتلة عام 1948، كان الخبر صدمة على العائلة التي فقدت ابنتها لينا قبل أقل من عام بعد أن سقطت من علو.
تحملق كل يوم السيدة رسيلة شماسنة في صورة نجلها الشهيد دون أن تعرف أنها ستكون يوماً على قائمة الاعتقال، ففي فجر يوم الأربعاء اقتحمت قوة من جنود الاحتلال منزلها واعتقلتها مع ابنتها الطفلة سارة (14 عاما).
تقول ابنتها الأخرى فاطمة لـ مكتب إعلام الأسرى:" اقتحم الجنود منزلنا بشكل وحشي ودخلوا إلى الغرف وشرعوا بتفتيشها وقالوا بوضوح نحن نريد سارة هدفنا هي سارة!".
لم تمنع حالة الدهشة والاستغراب التي علت وجوه أفراد العائلة من محاصرة الطفلة سارة بعدد كبير من الجنود واقتيادها، ولكن الأم ذات القلب الموجوع رفضت أن يتم اعتقال ابنتها وحدها فقالت لهم لن تخرج هذه الطفلة من المنزل وحدها خذوني معها، فتم اعتقالها أيضاً وتقييدهما وتعصيب أعينهما في ساحة البيت.
وتوضح فاطمة بأن عملية الاقتحام كان الهدف منها إرعاب من في المنزل وكان الجنود يتعمدون الصراخ والتفتيش بشكل قهري وانتقامي.
سجل حافل
لم تكن هذه المرة هي الأولى في اقتحام منزل عالة شماسنة، فالسجل حافل بالاعتقالات والاعتداءات .
في العام 2016 أصيب يوسف بجروح في ساقه خلال مواجهات اندلعت على أطراف بلدته، باغته الجنود برصاصة اخترقت ركبته وأمضى عدة أيام جراء ذلك في المستشفى، وما إن عاد إلى منزله في الليلة الأولى حتى تم اعتقاله بعد مداهمة البيت دون مراعاة لوضعه الصحي، حُكم يوسف بالسجن لتسعة أشهر وتعرض للإهمال الطبي وما زال يعاني من إصابته حتى بعد الإفراج عنه.
ولم يكد الفتى يوسف يتنسم الحرية حتى تم اعتقال شقيقه الأكبر معتصم الأب لطفلة رضيعة بعد مداهمة المنزل ذاته، ما زال معتصم في الأسر يقاسي حكما بالسجن لعدة أشهر كذلك.
منذ استشهاد محمد والعائلة تتناوب على السجون الصهيونية، الوالدة الصابرة كذلك تم استدعاؤها عدة مرات للتحقيق وتهديدها بالاعتقال عبر الاتصالات الهاتفية.
تتابع فاطمة القول:" بقيت وحدي مع أخي يوسف في المنزل ولا نعلم كيف سنعيش فيه في غياب والدتي التي عودتنا على القوة والتحمل، أحاول منذ اعتقالها مراسلة المؤسسات الحقوقية والمعنية بشؤون الأسرى من أجل الاطمئنان عليهما، وأتمنى أن تزول كل هذه الغيمة التي تحيط بنا في ملف الاعتقال والأسر".