مع بزوغ شمس صباح يوم الجمعة، اليوم التالي لليلة الحرية، لم يستيقظ المحرر محمد فهمي جبر (38عاماً) من قلقيلية، على صوت ضباط العدد في السجون وهم يدخلون أقسام السجن ويطلبون من الأسرى الاستعداد لعملية العدد.
محمد جبر قال لمكتب إعلام الأسرى" لا عدد بعد اليوم، والخلاص والحرية لا يقدران بثمن، فضبّاط مصلحة السجون يتعمدون استفزازنا في اليوم ثلاث مرات بذريعة العدد الصباحي، وفي منتصف النهار، وفي المساء، مع فحص الأرضيات والنوافذ، لا يريدون أي استقرارٍ نفسي في حياة الأسير، ولو لبضع ساعات فقط، فالعدد اليومي هو بمثابة رسالة نكد وتنغيص تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى".
الأسير محمد جبر، تحرر مساء يوم الخميس المنصرم، من سجن النقب الصحراوي، بعد قضاء 15 عاماً في الأسر، تنقل فيها بين عدد من السجون، وقد التقى مكتب إعلام الأسرى به؛ لتسليط الضوء على أوضاع الحركة الأسيرة، في ظل تغول مصلحة السجون وفرض إجراءات مشددة وقاسية عليهم .
يتذكر المحرر محمد جبر، لحظة اعتقاله بتاريخ 25112002م، من داخل المنزل يقول" كانت لحظة الاحتلال قاسية ومرعبة؛ فالاحتلال أحضر معه جرافات وقوات خاصة، لهدم منزل العائلة، وأثناء الحصار شعرت بلحظة الاستشهاد، فالاحتلال قرر هدم المنزل المتحصن فيه بدون شفقة ورحمة، وبعد هدم أجزاء منه تم إلقاء القبض علي، وكانت لحظة قاسية بكل المقاييس، فضباط المخابرات كان لديهم القرار بتصفيتي، إلا أن قدرة الله حالت دون تنفيذ مهمتهم الإرهابية".
يتحدث المحرر جبر عن فترة التحقيق قائلاً" كانت الفترة طويلة، وتعمد ضباط المخابرات استخدام كل الأساليب لإهانتي وضرب الروح المعنوية لي، وكانت التهديدات لا تتوقف في كل لحظات التحقيق حتى آخر يوم، وكانت الأوضاع الأمنية في الخارج صعبة، وعملية السور الواقي تجتاح المدن الفلسطينية، وما يجري في الخارج ينعكس على كل الأسرى وخصوصاً من هم في مرحلة التحقيق، فسياسة الانتقام كانت واضحة ومقصودة".
31 عيداً وخطوبة
الجانب الإنساني في قصة الأسير محمد جبر، يتمثل بغيابه 31 عيداً عن عائلته، واقترانه بشريكة حياته داخل الأسر قبل تحرره بعدة سنوات، يقول المحرر جبر"الأسير لا يفقد الأمل بالرغم من حياة العزل والحرمان التي تفرض عليه من قبل ضباط مصلحة السجون الذين يستعينون بخبراء في كافة المجالات لزيادة الضغط على الأسير، وقد غبت عن الأهل 31عيداً كانت بالنسبة لي محطاتٍ قاسية".
يضيف جبر"في يوم العيد أتذكر والدي المرحوم المربي المعروف فهمي جبر، ووالدتي المريضة التي غابت عن زيارتي أكثر من خمس سنوات بسبب المرض، ورفض الاحتلال السماح بزيارة مفتوحة لها، وأحمد الله أنه تم الإفراج عني ورأيتها".
يشير جبر إلى أنه وبالرغم من كل هذا الكم من تفاصيل الحزن اليومية إلا أنه اقترن بشريكة حياته وهو خلف القضبان، يقول"قبل تحرري بأكثر من سبع سنوات تمت قراءة الفاتحة، وفي عام 2013 كان عقد القران الرسمي في العيزرية وشارك فيه ثلة من المناضلين والمحررين من كافة الفصائل، وبعد عقد القران عمت الفرحة داخل السجن وجرى توزيع الحلوى، ومباركة كافة الأسرى لي من خلال قدومهم إلى القسم الذي أتواجد فيه".
المحرر محمد جبر أكد على أن الأسرى قلبوا قاعدة أن الكف لا تواجه المخرز، فهم يواجهون مصلحة السجون المسلحة بوحدات المتسادا الإرهابية بصدورهم العارية، في استنفارٍ خطيرٍ على حياتهم، فالأسرى لم يستسلموا لوحدة المتسادا التي غالباً ما يكون أفرادها واضعين أصابعهم على الزناد لقتل الأسرى العزل، ولم يكن هناك استسلام لهذه الوحدة من قبل الأسرى كما كانت تخطط مصلحة السجون ".
يفيد المحرر محمد جبر بأن جرائم وحدة المتسادا بحق الأسرى ترتقي إلى جرائم حرب يحاكم عليها قادة مصلحة السجون في محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب من الدرجة الأولى .
وعن لحظة الحرية، تحدث المحرر محمد جبر عن الاستقبال الجماهيري له قائلاً"الجماهير الفلسطينية صاحبة وفاء للأسرى أثناء وجودهم داخل الأسر وعند تحررهم، وعندما شاهدت أبناء بلدي وهم يستقبلونني بالرغم من أجواء المطر، شعرت بسعادة لا توصف فالوفاء متجذر في قلوب الجماهير ".
ينقل المحرر محمد جبر رسالة الأسرى كأمانة، ويقول"علينا جميعاً تجسيد الوحدة الوطنية في كافة المجالات، فالوحدة صمام أمان للجميع وعلى المتحاورين في القاهرة في جولات قادمة أن ينجزوا مفهوم الوحدة والمصالحة والشراكة في كافة المجالات، كما وأدعو الكل الفلسطيني إلى دعم القيادة الفلسطينية في التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، لمحاكمة دولة الاحتلال والضغط عليها لتطبيق كل الاتفاقيات بشأن الأسرى وحقوقهم، والإفراج عنهم باعتبارهم أسرى أصحاب قضية سياسية".