منذ عقود يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة البقاء الإنساني في مواجهة منظومة قمعية تستهدف أجسادهم وأرواحهم.
تتعدد الانتهاكات بين العزل الانفرادي، الإهمال الطبي، التجويع الممنهج، القمع النفسي والجسدي وقطع أخبارهم عن ذويهم.
يشكل الأسرى أكرم القواسمي، إسلام حامد، وبلال البرغوثي نماذج لهذه السياسات، حيث تكشف معاناتهم تفاصيل منظومة عقابية متكاملة تهدف إلى كسر إنسانية الأسير وإضعاف عزيمته في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
أولًا: الأسير القائد أكرم إبراهيم القواسمي – القدس المحتلة
العمر: 51 عاما
تاريخ الاعتقال: 1996
الحكم: مؤبدان
مكان الاحتجاز: سجن شطة (مع ترجيحات بالعزل الانفرادي)
أبرز الانتهاكات:
1. سياسة التجويع: فقد نحو 40 كغم من وزنه نتيجة تقليص الطعام ورداءته.
2. قطع الأخبار: منع المحامين من زيارته وعزل عائلته عن أخباره.
3. الإهمال الطبي: يعاني من ضغط دم مرتفع بلا متابعة.
4. التنكيل والإهانة: قمع وتفتيش مذل متكرر.
الانتهاكات في ضوء القانون الدولي
- المادة (20) من قواعد مانديلا تضمن للأسير الحق في غذاء كاف وصحي، بينما يتعرض القواسمي لتجويع ممنهج.
- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم دولة الاحتلال بتوفير رعاية طبية مناسبة وهو ما يحرم منه بشكل واضح.
ثانيا: الأسير القائد إسلام حسن حامد – رام الله
العمر: 40 عاما
تاريخ الاعتقال: 2015
الحكم: 21 عاما
مكان الاحتجاز: عزل سجن جانوت منذ 25/11/2024
الوضع العائلي: متزوج وأب لأربعة أبناء.
أبرز الانتهاكات:
1. العزل الانفرادي لأكثر من 9 أشهر بذريعة التحريض.
2. الاعتداء الجسدي بالضرب المبرح بعد 7 أكتوبر.
3. الحرمان من العلاج والمعلومات الطبية.
4. القمع النفسي بحرمانه من وداع والده عند وفاته.
5. النقل التعسفي المتكرر بين السجون.
6. استهداف العائلة وحرمان الأبناء من الزيارة.
الانتهاكات في ضوء القانون الدولي:
* المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحظر التعذيب والمعاملة القاسية وهو ما ينطبق على العزل الطويل والضرب المتعمد.
* تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة يعتبر العزل الانفرادي المطوّل (أكثر من 15 يوما) شكلا من أشكال التعذيب النفسي بينما يتجاوز عزل حامد 9 أشهر.
ثالثا: الأسير القائد بلال يعقوب البرغوثي – رام الله
العمر: 39 عاما
تاريخ الاعتقال: 2/4/2002
الحكم: 17 مؤبدا
مكان الاحتجاز: عزل سجن جلبوع
*أبرز الانتهاكات :*
1. عزل انفرادي في غرفة بلا نافذة ولا هواء.
2. معاناة صحية مركبة: فشل كلوي جزئي، أمراض كبد، ضغط دم، نقرس، سكابيوس، ودوالي.
3. حرمان متعمد من الأدوية الخاصة بمرض الكلى.
4. سياسة التجويع عبر طعام غير ملائم لحالته الصحية.
5. قطع الأخبار عن عائلته منذ آخر زيارة محامٍ في ديسمبر 2024.
الانتهاكات في ضوء القانون الدولي :
- المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم باحتجاز المعتقلين في ظروف إنسانية بينما يحتجز البرغوثي في عزل قاس.
- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بتوفير أدوية وعلاج مناسب للأمراض المزمنة لكن الاحتلال يتعمد منعها.
- حرمان الأسير من العلاج يعد بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية باعتبارها "تصفية بطيئة".
انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع الأسرى
رغم وضوح القواعد التي وضعها القانون الدولي الإنساني لحماية الأسرى والمعتقلين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي حول الأسرى الفلسطينيين إلى ساحة مفتوحة لانتهاك هذه القواعد على نحو ممنهج.
تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وضمان ظروف احتجاز إنسانية، إلا أن الواقع داخل السجون الإسرائيلية يكشف عن ممارسات مناقضة تماما: عزل انفرادي يمتد لسنوات، حرمان من العلاج حتى الموت، اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة عادلة، وتعمد إذلال الأسرى في تفاصيل حياتهم اليومية.
كما تؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 أن أي شكل من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي محظور بشكل مطلق.
غير أن الاحتلال جعل من التعذيب سياسة ثابتة، تبدأ من لحظة الاعتقال بالضرب والشبح والتحقيق الطويل ولا تنتهي عند الإهمال الطبي المتعمد الذي حصد أرواح عشرات الأسرى منذ بداية الحركة الأسيرة.
أما القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص بوضوح على حق المعتقلين في مراجعة قضائية عادلة وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم.
لكن الاحتلال أفرغ هذه النصوص من مضمونها عبر محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من العدالة، وعبر منع الأسرى من زيارة محاميهم أو التواصل مع ذويهم الأمر الذي جعل من الاعتقال أداة عزل تام عن العالم الخارجي.
ورغم التوثيق الواسع لهذه الانتهاكات من قبل المؤسسات الحقوقية والأممية يواصل الاحتلال الإفلات من المساءلة الدولية، ما يعكس حالة انفلات من العقاب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأسرى.
ويؤكد مكتب إعلام الأسرى في هذا السياق أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون "يمثل خرقا صارخا لكل القوانين والمواثيق الدولية، ويكشف عن ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، الأمر الذي يجعل حياة الأسرى وكرامتهم الإنسانية مهددة على نحو يومي".