محمد أبو العز: أسيرٌ دخل السجن طفلاً معافى بلا سجلٍ مرضي وسيغادره بشللٍ نصفي
تقرير/ إعلام الأسرى

 حتى الأم أحياناً يمكن أن ينال منها التعب، ينال من صوتها ومن صبرها معاً، من عينها التي ترقب ساعة الحرية، وساعاتٍ من الانتظار، من رجفة صوتها الذي يبدو واضحاً جداً حين تتحدث عن فلذة كبدها، حتى هذه الأم تحتاج لأن تتنازل ولو لوقتٍ محدود عن وظيفة الجبل الذي يحمل عبءٍ لا يوازيه عبءٌ آخر، أن ترتاح ولو لبرهةٍ قصيرة.  

والدة الأسير محمد نسيم يوسف أبو العز(19عاماً) من أريحا، تحدثت لمكتب إعلام الأسرى بصوتٍ يمسك نفسه بصعوبةٍ أن لا يبكي، لتسرد قصة نجلها الطفل الغض الذي اعتقله الاحتلال سليماً معافى طفلاً في أوج أحلامه وتنتظر هي اليوم قرار محكمة الاستئناف حول انتهاء حكمه والإفراج عنه من عدم ذلك، إفراجاً بسجلٍ مرضي لا تعلم تفاصيله كاملة.  

تقول والدة الأسير محمد أبو العز" اعتقل محمد بتاريخ 16/2/2024، أثناء عودته لمنزله من على حاجز الحمرا العسكري، حين كان ذاهباً في نزهةٍ رفقة أصحابه، وبدأت رحلته الطويلة عقب هذا في سجون الاحتلال، وكانت المعلومات التي تصلنا عنه لاحقاً معلومات تخص سجله المرضي الذي أصيب به في سجون الاحتلال".  

تؤكد والدة الأسير محمد أبو العز على أن ابنها خضع في ثاني أيام العيد لعملية في مستشفى سوروكا، وكانت في عموده الفقري، وبلغها بأنه أصيب بشللٍ نصفي، ولم يعد قادراً أن يمسك شيئاً في يده، حتى طمئنهم المحامي في زيارته الأخيرة بأنه حاول إمساك كأس ماء بيده.  

محمد وعقب اعتقاله تنقل على عددٍ من السجون والعيادات والمستشفيات ومراكز التحقيق، فقد تواجد في عتصيون وأمضى 6 أشهر في سجن عوفر، ووصل في نهاية المطاف إلى سجن النقب، كما ونقل إلى ما يسمى بعيادة الرملة، نتيجة إصابته بالشلل، تقول والدته" خلال تواجده في سجن النقب، علمنا بأنه أمضى مدة شهرين غير قادرٍ أن يحرك عضواً في جسده باستثناء عينيه، وقد وصل به الأمر إلى أن كاد ينال الشهادة، لولا الأسرى في سجن النقب الذين كانوا يرافقونه ولاحظوا وضعه الصحي السيء وبدؤوا الطرق على الأبواب حتى استجاب السجان لهم وتم نقله إلى العيادة".  

عقب أن كاد يعلن عن استشهاده، وعقب إجراء عملية في عموده الفقري فقد الأسير محمد أبو العز القدرة على الحركة وأصبح اليوم أسيراً بشللٍ نصفي يهدد حياته وعمره الصغير وأحلامه الكبيرة أيضاً، تقول والدته" كان قد طلب مني بداية اعتقاله وهو طالبٌ كان يجب أن يلتحق بامتحانات الثانوية العامة منذ عام، طلب مني أن أسجله لكي يتقدم لها وكان جل أمله حينها أن ينال حريته ويحقق هذا الحلم رفقة أصدقاء جيله في مدينة أريحا، واللذين أصر على أن يرافقهم هذا المشوار رغم أننا اليوم نسكن في مدينة رام الله، إلا أنه آثر أن يحقق هذا الحلم في مدينته أريحا، وقد حرمه الملف الإداري من ذلك".  

الأسير محمد أبو العز اعتقل طفلاً وطالب مدرسة وتعرض للضرب أثناء اعتقاله، كما وقد تعرض للضرب حين جرى نقله للعيادة ولا تعلم عائلته حقيقة إصابته بالشلل النصفي، وتتابع حالته الصحية بمزيد من قلق خشية رفض قرار الاستئناف المقدم من المحكمة العليا ضد اعتقاله الإداري.  

محامي الأسير محمد أبو العز تقدم بقرار استئناف له ضد قرار اعتقاله الإداري لكنه رفض، ثم عاد ليقدم قراراً للعليا بتاريخ 28/7/2025، وتنتظر العائلة نتيجة هذا القرار في القريب العاجل، والذي على إثره سيتحدد مصيره من الإفراج أو إعطائه قراراً إدارياً جديداً.  

تتأمل والدته أن تنتهي رحلة ابنها الصعبة في سجون الاحتلال وترقب الوقت حتى ينتهي ويصلها خبر من محاميه يطمئن قلبها" تقول محمد دخل السجن بوزن (92 كيلو)، وهو شاب رياضي، ويقدر محاميه أن وزنه قد وصل إلى( 53 كيلو) اليوم، وهو ابني الذي دخل السجن معافى دون مرض، ولم يسبق له حتى أن أصيب بأي مرض طيلة فترة حياته".  

محمد أبو العز وفور اعتقاله وبعد إنهاء فترة التحقيق معه تم إحالته إلى الملف الإداري، وقد حصل على 3 قرارات تجديد مدتها 6 أشهر، وسينتهي القرار الأخير خلال وقتٍ قصير ترقبه العائلة، وتتمنى أن لا يتجدد وتعود إجراءاتهم إلى نقطة الصفر.  

تصف والدة الأسير محمد أبو العز نجلها بمحبة وشفافية الأم الحنونة وتقول" كل الأسرى يعرفون محمد ويعرفون طبعه الخدوم ومحبته للناس، كلهم يشهدون له بذلك، وحين أمضى مدة الشهرين في النقب دون أن يأكل أو يحرك جسده، وحين لاحظ الأسرى انتفاخ بطنه وقدميه قاموا بالضرب على الأبواب، كان محمد بمثابة ابنهم الصغير فهو أصغر الأسرى عمراً في قسمه وكلهم يعتبرونه ابناً لهم ويعاملهم هو كذلك كالابن البار".  

تنتظر أم محمد نجلها بأمل الحرية تنتظر أي اتصالٍ يخبرها بأنه قد خرج حراً لتجهز نفسها وتخرج لاستقباله، تخطط أن تحضره إلى رام الله حيث تسكن وحيث سيسكن هو، تنتظر بشوقٍ كبير أن يعود ليملأ بيتها فرحاً وبهجة ويرافق العائلة حياتهم من جديد، وأن تصبح الأشهر التي مرت مجرد ذكرى عابرة.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020