"معسكرات الموت": الاحتلال يحوّل السجون إلى ساحات تعذيب ويفتتح معتقلات جديدة بعد 7 أكتوبر
تقرير/ إعلام الأسرى

بينما انشغل العالم بتطورات الحرب على غزة، أطلق الاحتلال يد أجهزته الأمنية والعسكرية لتنفذ أبشع حملة قمع جماعي داخل السجون، فحوّلها إلى جحيم لا يُطاق، يقطنه الآلاف من الأسرى الذين يواجهون ظروفًا غير إنسانية، وانتهاكات تصل إلى حد الإبادة البطيئة.  

منذ السابع من أكتوبر، لم تعد الزنازين مجرد أماكن احتجاز، بل باتت ساحات تعذيب مفتوحة بإشراف مباشر من حكومة الاحتلال، التي يقودها المتطرف إيتمار بن غفير، الذي تعهد بـ"سحق الأسرى"، وبدأ بتنفيذ ذلك على أرض الواقع حرفيًا.

سياسة ممنهجة لإذلال الأسرى .. واعتراف الاحتلال بموت العشرات تحت التعذيب  

أعلنت سلطات الاحتلال حالة الطوارئ في السجون منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، فعزلت الأسرى عن العالم الخارجي، وأغلقت "الكنتينا"، وقطعت زيارات الأهالي والمحامين، لتبدأ مرحلة غير مسبوقة من القمع والتنكيل.

أُعيدت سياسة الضرب والتعذيب الجماعي، وسُجلت عشرات الإصابات في صفوف الأسرى جراء اعتداءات وحشية من وحدات القمع. جرى تجريدهم من معظم مستلزمات الحياة، وزُجّ بهم في غرف ضيقة، لا تتسع لأعدادهم المتزايدة، دون تهوية أو رعاية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أبشع محطات القهر في تاريخ الاحتلال.

ومع دخول الشتاء، ازداد الوضع سوءًا. حُرم الأسرى من وسائل التدفئة، والملابس الشتوية، وحتى من مياه الشرب الساخنة. وتعرضوا للتجويع الممنهج، إذ تم تقليص الطعام إلى أقل من نصف حاجتهم اليومية، وسُحبت أدوات الطهي من الزنازين، لتبلغ المجاعة مستويات خطيرة أدت إلى فقدان مئات الأسرى نصف أوزانهم، وتحول بعضهم إلى "هياكل عظمية" وفق شهادات محررين، كما تسببت هذه السياسة في أمراض مزمنة لأعداد كبيرة من الأسرى، خاصة من الأطفال والمرضى، وتدهورت صحتهم إلى حد الحاجة للعلاج الفوري في المستشفيات فور الإفراج عنهم.

63 شهيدًا داخل السجون:

حتى اليوم، ارتقى 63 أسيرًا في سجون الاحتلال، منهم 40 أسيرًا من قطاع غزة، قضى معظمهم تحت التعذيب في معتقل "سديه تيمان"، المعروف بـ"معسكر الموت". من أبرزهم الدكتور عدنان البرش، رئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء، والذي استُشهد تحت التعذيب الوحشي، ولا يزال الاحتلال يحتجز جثمانه، إلى جانب جثامين 61 أسيرًا آخرين.

معتقلات جديدة.. وموت تحت التعذيب

مع تصاعد أعداد المعتقلين، افتتح الاحتلال عدة معتقلات جديدة، خاضعة للجيش، لا تُطبق فيها أي رقابة قانونية أو حقوقية:

سديه تيمان (معسكر الموت):

معتقل عسكري في النقب، يتبع للجيش وليس لإدارة السجون. يمارس فيه الشاباك أساليب تعذيب جسدي ونفسي مروعة، شملت الاعتداءات الجنسية، والتجويع، والتنكيل حتى الموت. اعترف الاحتلال رسميًا باستشهاد 36 أسيرًا داخله، لكن العدد الحقيقي أكبر بكثير.

سجن عوفر – القسم العسكري:

نُقل إليه المئات من أسرى غزة، وتعرضوا لأشد أنواع التعذيب بما في ذلك الصعق بالكهرباء، والضرب على الأطراف، والهجوم بالكلاب البوليسية، والتجويع، والتهديد بالاعتداء الجنسي.

معتقل "منشه":

مركز تحقيق واحتجاز أقيم شمال الضفة، يتبع أيضًا للجيش، يفتقر لأدنى مقومات الحياة، ويُحتجز فيه الأسرى على فرشات مهترئة دون رعاية طبية، وسط حرمان تام من الزيارات واحتياجاتهم الأساسية.

*معسكر "نفتالي":*  

أحدث معتقل عسكري افتتحه الاحتلال، شهد نقل المئات من الأسرى في ظروف مهينة، ويجري فيه استخدام وسائل تعذيب ممنهجة، لا تختلف عن معسكرات التعذيب في الحروب التاريخية.

تعيش الحركة الأسيرة اليوم مرحلة من أكثر المراحل دموية وقسوة في تاريخها، مع ارتفاع أعداد الشهداء داخل السجون، وتوسيع شبكة الاعتقالات والمعتقلات السرية، حيث لا يخضع الاحتلال لأي رقابة دولية حقيقية. ما يجري داخل السجون ليس مجرد انتهاكات، بل جريمة حرب موصوفة تُمارس بغطاء سياسي وقضائي، ما يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف آلة القمع الإسرائيلية وإنقاذ من تبقّى من الأسرى أحياء في "معسكرات الموت".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020