أن تكون امرأة وسط أشباح الظلم ووحوش العنصرية فذلك جهاد من نوع آخر، أن تحتمل كل ما ينتج عن العقلية الصهيونية من تنكيل واعتداء وعدم اكتراث بحياة الإنسان الفلسطيني، فذاك صبر لا يحده صبر.
الأسيرة فاطمة إسماعيل شاهين (33 عاما) من سكان مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم كما عشرات الأسيرات اللواتي يخنقهن الظلم ويقيدهن العجز في سجون الاحتلال وزنازينه، أصيب فاستغل الاحتلال إصابتها لينكل بها ويحول أيامها إلى كوابيس دائمة لا تنتهي.
أصيبت فاطمة في أواخر شهر رمضان المبارك الماضي أثناء تواجدها قرب مفترق مستوطنات "غوش عتصيون" المقامة على أراضي شمال الخليل، أربع رصاصات كانت كفيلة بإسقاطها أرضا بعد خوف الجنود منها واتهامها بمحاولة تنفيذ عملية طعن.
ويقول شقيقها طارق لـ مكتب إعلام الأسرى إن العائلة رأت صورتها على وسائل التواصل الاجتماعي بعد إطلاق النار عليها، فعرفتها من ملابستها، وبقيت قلقة على مصيرها خاصة وأن الاحتلال تعمد عدم نقلها للإسعاف إلا بعد مرور أكثر من نصف ساعة على إصابتها.
وأضاف بأن الرصاصات الأربع أصابت ساقيها وكتفها وظهرها، حيث أن الإصابة في الطهر كانت الأكثر خطورة لأنها استقرت في عمودها الفقري بين الفقرات الثالثة والرابعة الأمر الذي تسبب لها بشلل نصفي فلم تعد قادرة على المشي.
بقيت الأسيرة في المستشفى لعدة أيام وخضعت لعملية جراحية، ولكنها وقبل التعافي نقلت إلى سجن الرملة سيء الذكر، وهناك وضعها الاحتلال في غرفة العزل في قسم المعتقلين الجنائيين الرجال.
وأوضح شقيقها بأن فاطمة تعاني الأمرّين منذ اعتقالها، حيث أن عدم وضعها مع الأسيرات يزيد من صعوبة أيامها وتواجدها مع المعتقلين الجنائيين يضاعف من ضغطها النفسي وحالتها المعقدة.
تتواجد الأسيرة فاطمة في هذا القسم مع الأسيرة عطاف جرادات من جنين والدة الأسرى عمر وغيث ومنتصر الذين يتهمهم الاحتلال بتنفيذ عملية قتل مستوطن قرب مستوطنة "حومش" شمال الضفة.
وفي هذا القسم تتعرضان لإهمال متعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال التي لا توفر لهما أبسط الاحتياجات اليومية، كما أنها ترفض توفير العلاج للأسيرة فاطمة وتكتفي بإعطائها المسكنات فقط والتي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تعد تؤثر في تسكين آلامها المستمرة.
ويضيف شقيقها بأن للأسيرة طفلة اسمها أيلول تبلغ من العمر أربع سنوات، وتعتبر جانبا آخر من المعاناة التي ترسمها حالة الأسيرة، حيث تفتقدها وتسأل عنها باستمرار ولا تعرف الكثير عن حالتها.
وتابع:" نحن قلقون جدا عليها فلا توجد متابعة لحالتها الصحية، ولم نزرها طيلة هذه الفترة رغم أننا قدمنا طلبا لزيارتها منذ أكثر من شهر، ونخشى أن يكون الشلل النصفي دائما في ظل عدم توفير أي نوع من العلاج أو المتابعة لها".
المرة الوحيدة التي تواصلت فيها الأسيرة مع عائلتها كانت خلال جلسة محاكمتها قبل أسابيع، حيث تحدثت معهم لخمس دقائق عبر اتصال فيديو وأخبرتهم بما تعانيه من ظروف اعتقال سيئة.
وحتى الآن لا تعرف الأسيرة عن حالتها الصحية كثيرا، فهي تقول إنها تشعر بوخز في قدميها وهذا أعطى الأمل لعائلتها بأن يكون الشلل غير دائم، ولكن في ظل إهمال الاحتلال المتعمد لحالتها فلا تستطيع العائلة معرفة أي شيء عنها.
تواصلت العائلة مع المؤسسات الحقوقية والجهات الإنسانية المختلفة وعدد من المحامين، ولكن ذلك لم يجد نفعا في الضغط على الاحتلال للاهتمام بالأسيرة.
وأوضح طارق أن نيابة الاحتلال قدمت لائحة اتهام بحق شقيقته تحمل تهمة الشروع بالقتل العمد؛ وهي تهمة لا يقل حكمها عن عشر سنوات بحسب ما يقوله المحامون.
وختم قائلا:" أكثر ما يقلقنا حالتها الصحية الآن وعدم قدرتها على المشي، ونخشى أن الإهمال الطبي المتبع ضدها سيزيد حالتها سوءا، كما أننا قلقون فيما يتعلق بالحكم الذي قد يصدر ضدها وهي لم تفعل شيئا.. طفلتها تنتظرها ونحن ننتظرها ونأمل الإفراج عنها كي نعتني بها".