أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن ما يزيد عن 650 أسيرا في سجون الاحتلال يعانون من أمراض مختلفة، حيث يشكلون ما نسبته 14% من إجمالي عدد الأسرى والبالغ 4800 أسيرا فلسطينيا، بينهم 19 اسيراً يعانون من أورام سرطانية.
وقال المركز إن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كافة الاتفاقيات الدولية التي تنص على ضرورة إجراء فحوصات طبية للمعتقلين بشكل دوري لاكتشاف الأمراض في بدايتها وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لكل أسير حسب طبيعة المرض الذي يعاني منه، قبل أن تتفاقم حالته الصحية.
وأوضح مدير المركز الباحث رياض الأشقر أن من بين الأسرى المرضى 160 أسيرا يعانون من أمراض مصنفة خطيرة بما فيها السرطان، والفشل الكلوي، واعتلال القلب، وضمور العضلات وانسداد الشرايين، والسكري، والضغط، وغيرها من الأمراض التي أدت الى استشهاد عشرات الأسرى في سجون الاحتلال نتيجة جريمة الإهمال الطبي.
ولفت إلى تصاعد أعداد الأسرى المصابين بأمراض خطرة وخاصة مرض السرطان خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، نتيجة الإهمال الطبي وأسباب أخرى يساهم الاحتلال في تعريض الاسرى لها، وكان آخرهم الأسير "وليد دقة" المعتقل منذ 38 عاماً، حيث تبين أنه مصاب بمرض سرطان "تلف النخاع" وتراجعت حالته الصحية مؤخراً ونقل الى مستشفى "برزيلاي" في عسقلان، حيث أصيب بالتهاب رئوي وقصور كلوي حادين مما يعرض حياته للخطر الشديد.
ووصف الباحث الأسرى المرضى أصحاب الأمراض الصعبة في سجون الاحتلال بأنهم شهداء مع وقف التنفيذ ويتعرضون للموت البطيء في ظل معاناتهم من ظروف صحية خطيرة للغاية، وذلك مع استمرار استهتار الاحتلال بحياتهم وعدم تقديم أي رعاية طبية أو علاج مناسب لهم مما قد يؤدي بهم إلى الموت في أي لحظة.
وأشار الأشقر إلى أن غالبية الأسرى الفلسطينيين يواجهون مشاكل في أوضاعهم الصحية نظرًا لتردي ظروف احتجازهم في سجون الاحتلال، سواء خلال فترة التحقيق حيث يحتجز المعتقلون في زنازين ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة، و يتعرضون لسوء المعاملة، والضرب والتعذيب، والإرهاق النفسي والعصبي، مما يؤثر على أوضاعهم الصحية بشكل سلبي.
وأضاف:" بعد نقل الأسرى إلى السجون لا تتوفر طواقم طبية متخصصة، وهناك بعض السجون لا يوجد بها طبيب، وغالبًا ما يكون الأطباء في السجون أطباء عامين أو ممرضين، كما أن العشرات من الأسرى الذين أجمع الأطباء على خطورة حالتهم الصحية وحاجتهم الماسة للعلاج وإجراء عمليات جراحية عاجلة بمن فيهم مسنون وأطفال ونساء، ترفض إدارة السجون نقلهم للمستشفيات، وما زالت تعالجهم بالمسكنات التي يصفها الأطباء لجميع الأمراض على اختلافها".
واتهم الباحث الاحتلال بممارسة عمليات قتل جماعي للأسرى المرضى بتركهم فريسة سهلة للأمراض تنهش في أجسادهم، مما يكشف بشكل واضح عن العقلية الإجرامية المتطرفة التي تحكم الكيان، حيث أدى التأخير المتعمد في إجراء بعض الفحوصات والتحاليل الطبية إلى استفحال المرض في أجساد الأسرى، كذلك أدت المماطلة في إجراء عمليات جراحية عاجلة لبعض الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة وصعبة إلى انعدام الأمل في الشفاء وتعرض الأسرى إلى خطر حقيقي على حياتهم.
وتطرق إلى حالة الأسير عاصف الرفاعي (20 عامًا) من رام الله، والذى يواجه مخاطر حقيقية على حياته، نتيجة إصابته بمرض السرطان، حيث سمح الاحتلال له بتلقي العلاج الكيميائي في مستشفى "أساف هروفيه" بعد حرمانه منه لما يزيد عن ستة أشهر منذ اعتقاله، حيث تعطى له الجرعات وهو مقيد اليدين في السرير.
وكانت الفحوص الطبيّة التي أُجريت للأسير مؤخراً كشفت أن الخلايا السّرطانية قد انتشرت في جسده، ووصلت بالإضافة إلى القولون إلى أجزاء جديدة من الأمعاء، والغدد، والكبد، وأن المرض في مرحلة متقدمة، ورغم ذلك يرفض الاحتلال إطلاق سراحه أو تقديم رعاية حقيقية له ويحتجزه في ظروف صعبة فيما تُسمى (عيادة سجن الرملة).
وطالب الأشقر منظمات حقوق الانسان الدولية بالتدخل لإنقاذ حياة الأسرى من الموت المحقق، والعمل على إطلاق سراحهم بشكل فوري، وإرسال لجان طبية لفحص الظروف التي تؤدي إلى إصابة الأسرى بالأمراض الخطيرة داخل السجون، ووقف المجزرة الصحية التي يتعرضون لها منذ سنوات طويلة، في ظل تجاهل الاحتلال لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.