في بلدة بيت كاحل غرب الخليل كانت البداية.. خلية صامتة للمقاومة لم يفلح الاحتلال في كشفها إلا بعد فوات الأوان، فأعضاؤها برعوا في إخفاء عملهم المقاوم حتى نفذوا العملية الأكبر.
في آب/ أغسطس من عام 2019 أعلن الاحتلال فقدانه لجندي صهيوني قرب مدينة بيت لحم، وشاركت وحدات مختلفة في البحث عنه وتمشيط محيط مستوطنة "مجدال عوز" المقامة على أراضي جنوب المدينة.
بعد ساعات من البحث أعلنت وسائل إعلام صهيونية العثور على جثة الجندي "دفير شورك" بالقرب من أحد الشوارع الفرعية للمستوطنة، حيث كان قتل طعناً بآلة حادة وتُركت جثته في المكان.
جن جنون الاحتلال وقتها؛ فالقبضة الأمنية التي يحكمها على الضفة المحتلة لا تسمح بتنفيذ مثل هذه العمليات الجريئة، وبدأت عمليات الاقتحام والاعتقال في محاولة للوصول إلى منفذي العملية.
بعد أسابيع قليلة أعلن الاحتلال عن اعتقال الخلية المكونة من مجموعة شبان من بلدة بيت كاحل، وهم الشقيقان أحمد وقاسم عصافرة ونصير عصافرة ويوسف الزهور.
ومؤخرا قضت محكمة عسكرية للاحتلال بالسجن المؤبّد بحق الأسير محمود عطاونة من البلدة بزعم تورطه بقتل الجندي، حيث يتهمه الاحتلال بأنه شارك في الخلية، وقضت كذلك دفع غرامة قدرها مليون شيكل، كتعويض لعائلة الجندي القتيل.
ووجهت نيابة الاحتلال العسكرية للأسير عطاونة، تهمة التسبب عمدًا في وفاة الجندي شورك، وهي تهمة تعادل تهمة القتل وفقا لأحكام الاحتلال في الضفة الغربية.
وجاء في بيان الاحتلال أن الأسير عطاومة أدين بجريمتي "التسبب بالوفاة عمدا، بالإضافة إلى سلسلة من الجرائم الأمنية الأخرى" التي لم ترد في بيان الاحتلال، وذلك في إشارة إلى عمليات أخرى نفذتها الخلية.
وأشارت إلى أن عطاونة لم يشارك بالهجوم لكنه خطط له وجند أحد أفراد الخلية، وشارك في تجنيد وتدريب أفرادها؛ وبينت أن اثنين من أفراد الخلية نفذا عملية الطعن أسفرت عن قتل الجندي شورك.
وقال جيش الاحتلال في بيان له إن "المحكمة العسكرية قبلت طلب النيابة العسكرية الذي يقضي بإدانة المتهم (الأسير عطاونة) بارتكاب الجريمة، رغم أنه لم يكن موجودًا في مكان تنفيذ العملية، ولم يكن هو الذي طعن الجندي، في ظل دوره المركزي في التخطيط واتخاذ قرار تنفيذ العملية وتجنيد أحد مرتكبيها".
بعد شهر من تنفيذ العملية أصدر الاحتلال أوامر هدم لمنازل لاثنين من أعضاء الخلية، وبعد شهر آخر أصدر أمر هدم مشابه لمنازل اثنين آخرين، وأمر الهدم لمنزل عائلة العطاونة أصدر في كانون الثاني من العام 2020 أي بعد خمسة أشهر من تنفيذ العملية، وهو ما يظهر حالة الصبر التي جسدها الأسير وصموده في التحقيق.
وفي شهر أيار من عام 2020 أصدرت المحكمة العليا الصهيونية قراراً يُلغي أمر هدم منزل العطاونة، حيث أن القرار اتخذ بأغلبية القضاة وجاء في القرار: "لقد قرر أغلبية القضاة قبول الالتماس وإلغاء أمر المصادرة والهدم - القرار يلغي هدم الطابق الثاني من المبنى الذي يعيش فيه عطاونة".
الأمر الذي يمكن استخلاصه من حكاية الأسير العطاونة أن الصبر والثبات في أقبية التحقيق ليس بالسهل، ولكنه ممكن، وقد يحمي الأسير وعائلته من شرٍ محكم يحيكه الاحتلال في محاولة لكسر العزائم.