هل يحرّك فيديو الجندي الأسير مياهاً راكدة ؟!
إعلام الأسرى

شريط مصور قصير للجندي الأسير لدى المقاومة "هشام السيد" وهو في وضع صحي متدهور نشرته المقاومة الفلسطينية قبل يومين لعدة أهداف، ربما كان أبرزها إظهار معاناة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الذين يعانون من سياسة الإهمال الطبي المتعمدة ويفقد بعضهم حياته تبعا لهذه السياسة.

وفي ظل الحديث عن الأسرى المرضى وحياة السجن القاسية التي يعيشونها وتزايد إصابتهم بالأمراض الخطيرة في الآونة الأخيرة؛ نشرت المقاومة هذا المقطع وتركت الباب مفتوحا للتحليل حول أهمية ذلك، فهل يحرّك هذا المقطع المياه الراكدة في قضية الأسرى؟

ضربة مدروسة

الكاتب والصحفي ماهر حجازي أكد أن الفيديو مهم من حيث التوقيت في أكثر من جانب؛ خاصة الوضع السياسي الصهيوني الداخلي المتأزم في ظل حل الكنيست والانتخابات القادمة.

وقال لـ مكتب إعلام الأسرى إنه كان بمثابة رسالة للمجتمع الصهيوني حول تجاهل الحكومات السابقة والحالية لملف الجنود الأسرى في قطاع غزة، وبالتالي سيكون هناك حسبة جديدة للناخب الصهيوني في من يختاره للانتخابات القادمة، وربما يعاقب الأحزاب السياسية التي قادت الحكومات المتعاقبة على تجاهل هذا الملف.

وأوضح أنه قد يؤدي لحراك في المجتمع الصهيوني للضغط على أي حكومة قادمة فيما يتعلق بالعمل على إبرام صفقة تبادل للأسرى وتحريك ملف أسرى الاحتلال في القطاع، مبينا أن عرض الفيديو يثبت أكاذيب الحكومة الصهيونية ضد مجتمعها في نفي أن الأسير هشام السيد هو جندي، في حين أثبتت الوثائق التي عرضت أنه كذلك.

وأضاف:" يثبت الفيديو سياسة التمييز العنصري التي ينتهجها الاحتلال بحق جنوده، وبالتالي فإن الجنود غير الإسرائيليين (الإثيوبي منغستو والدرزي هشام السيد) ليسوا محل اهتمام الحكومة الإسرائيلية، بالتالي يشكل هذا الفيديو ضربا لادعاءات الحكومة بعدم التمييز بين الجنود الإسرائيليين، وهذا مهم في ضرب النسيج الداخلي لديهم".

احتمالات

أما المحلل السياسي والكاتب ساري عرابي فيرى بأن هناك مجموعة من الاحتمالات لنشر الفيديو؛ ومن ضمنها أن تكون هناك مفاوضات سرية لإجراء صفقة محدودة بين كتائب القسام وبعض الوسطاء، وبالتالي الكتائب تكشف عن بعض المعلومات وبعض ما تملكه بهذا الخصوص، وسبق لها أن نشرت تسجيلا صوتيا لأحد الجنود الأسرى.

ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن النشر الذي تقوم به المقاومة سيما للجندي العربي هشام السيد أو الأثيوبي منغستو ربما يكون متعلقا بمفاوضات سرية وقد يكون هذا أرجح الاحتمالات، وبطبيعة الحال فالثمن الأكبر أو الكنز الأكبر لدى المقاومة هما الجنديان شاؤول أرون وهدار غولدن، وبالتالي ربما ترجئ نشر أي معلومات بخصوصهم لمراحل متقدمة أو في سياق مفاوضات أكبر وأشمل مما قد يتعلق بالجندي العربي أو الجندي الإثيوبي.

ويوضح أن الاحتمال الآخر هو أن كتائب القسام تريد أن تحرك المياه الراكدة وأن تدفع المجتمع الصهيوني وعائلات الجنود لطرح أسئلة حول مصير أبنائها، والصحيح أن ثمن هشام السيد قد يكون محدوداً لأننا نتحدث عن دولة عنصرية ومجتمع عنصري لا يقيم وزنا للعرب ولا يقيم وزناً لغير اليهود بشكل عام واليهود "الأشكناز" بشكل خاص، لكن من شأن نشر هذا الفيديو أن يدفع المجتمع الصهيوني للتساؤل وأن يثير قضية الجنود الأسرى لحركة حماس للطرح الإعلامي، وهذا الأمر أصبح حاصلا حيث ثمة اهتمام كبير داخل المجتمع الصهيوني بشريط الفيديو.

وتابع:" قد تكون هناك احتمالات أخرى متعلقة بسياق الصراع الطويل بين المقاومة والاحتلال، وتهدف مثل هذه التسريبات من كتائب القسام إلى ضرب الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني، بمعنى لو أن نشر فيديو هشام السيد لم يحقق نتائج على مستوى الأسرى لكنه من شأنه في معركة تستند للنقاط وليس للضربات القاضية؛ أن يفتح سجالا حول عنصرية الكيان الذي لا يهتم لجندي عربي يخدم في الجيش الصهيوني ولا يهتم لجندي إثيوبي ولكنه أكثر اهتماما بجندي أشكنازي، وبالتالي نعم قد يساعد مثل هذا الفيديو في تفتيت الجبهة الداخلية للكيان.

وأشار إلى أن الاحتلال تفاعل بشكل كبير سياسيا وإعلاميا وجرى الحديث حوله طيلة يوم نشر الفيديو، وكان هو الخبر المركزي داخل الأوساط الصهيونية المتعددة، فلو كانت هناك مفاوضات سرية بالفعل ستكون هناك احتمالية أن يؤدي لصفقة تبادل محدودة، ولكن إذا لم تكن هناك مفاوضات سرية فمن الصعب أن يحرك هذا الفيديو المياه الراكدة لمجموعة من الأسباب؛ من ضمنها أن هذه الحكومة غير مؤهلة لعقد صفقة لعدم وجود استقرار سياسي، ولأن اهتمام الاحتلال بهذا الجندي أقل ويزعم أنه ليس جنديا وأن لديه مرض نفسي.

وختم قائلا:" هذه معركة طويلة ومعركة عض أصابع وتعتمد على طول النفس والنقاط وبالتالي كتائب القسام تقدر الوقت المناسب لقول ما لديها بخصوص هذا الأمر بين فترة وأخرى".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020