تعتبر سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال أحد الأسلحة الفتاكة التي تستخدمها إدارة سجون الاحتلال لقتل الأسرى بشكل بطيء، وتركهم فريسة للأمراض التي تنهش أجسادهم.
بينما يحاول الاحتلال أن يُظهر بأن سياسة الإهمال الطبي التي يستخدمها بحق الأسرى هي حالات فردية واستثناء عن القاعدة، يكذبه الواقع بما يجري من جرائم في سجون الاحتلال والتي تؤكد بشكل واضح بأنها سياسة عقاب صحي جماعي وأن الإهمال والمماطلة في تقديم العلاج سياسة ممنهجة ومتعمدة وتعبر عن العقلية العنصرية التي تحكم السجون .
ومع استمرار سياسة الإهمال الطبي ينضم أسرى جدد بشكل مستمر الى قائمة المرضى في سجون الاحتلال خاصة مع افتقار السجون للطواقم الطبية المتخصصة، حيث أن الأطباء في السجون أطباء عامين، وهناك بعض السجون لا يوجد بها طبيب أصلا، لذا يضطر الأسرى للانتظار لفترات طويلة ليتم عرضهم على طبيب متخصص، وهذا يزيد من تغلغل الأمراض في أجساد الأسرى مما يُصَّعب شفاؤها فيما بعد، ويعرض حياتهم للخطر الشديد.
وخلال الشهور الأخيرة تصاعدت إصابة العديد من الأسرى بأمراض خطيرة كالسرطان في مراحل متقدمة، والجلطات القلبية وغيرها نتيجة عدم الكشف المبكر على الأسرى، وعدم تقديم علاجات مناسبة للأمراض التي تصيب الأسرى في مراحلها الأولى، و الاستهتار بحياتهم بعدم إجراء عمليات جراحية أو فحوصات ضرورية لهم .
وبلغة الأرقام يعاني ما يزيد عن 700 أسير من أمراض مختلفة، منها الفشل الكلوي، والسرطان، السكر، والقلب ، والشلل ، وانسداد الشرايين، وغيرها.
وقد يحتاج الأسير الى سنوات في بعض الأحيان ليتمكن من إجراء فحص مخبري أو صورة أشعة، حيث أدى تأخر إدارة السجون المتعمد في إجراء بعض الفحوصات والتحاليل الطبية والتي تكتشف المرض في مراحله الأولى إلى تمكن المرض واستفحاله في أجساد بعض الأسرى، كذلك أدى التأخر المتعمد في إجراء عمليات جراحية عاجلة لبعض الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة وصعبة إلى انعدام الأمل في الشفاء وتعرض الأسرى إلى خطر حقيقي على حياتهم.
ومن بين الأسرى المرضى هناك (21) أسيرا يعانون من أمراض السرطان على اختلافها، و(4) أسرى مصابين بشلل نصفي يتنقلون على كراسي متحركة، و(27) مصابون بإعاقات حركية، وأسيرين مصابين بإعاقات نفسية صعبة، وقد استشهد (223) أسيراً في سجون الاحتلال منهم (67) نتيجة الإهمال الطبي.
بينما يقبع في ما يعرف بمستشفى الرملة (15) أسيراً منذ سنوات هم أصحاب أخطر الأمراض، لا يقدم لهم علاج حقيقي أو رعاية طبية سليمة، حيث لا يتوفر بداخله أطباء مختصين كأطباء العيون والأسنان والأنف والإذن والحنجرة، وعدم توفر الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو، والتهابات القصبة الهوائية المزمنة.
وبنظرة سريعة على أوضاع الأسرى الصحية نجد أن غالبية المعتقلين الفلسطينيين يواجهون مشكلة في أوضاعهم الصحية نظرًا لتردي ظروف إحتجازهم في السجون ، سواء خلال فترة التحقيق حيث يحتجز المعتقلون في زنازين ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة، و يتعرضون لسوء المعاملة، والضرب والتعذيب، مما يؤثر على أوضاعهم الصحية بشكل سلبي أو في أقسام السجون .
بينما يعانى العشرات من الأسرى من أمراض خطيرة جداً، كمرض السرطان والفشل الكلوي ، والجلطات القلبية، وانسداد الشرايين، والكبد الوبائي ، وغيرها من الأمراض ، وهؤلاء لا يتلقون رعاية طبية مناسبة ، وقد يماطل الاحتلال في إجراء عملية جراحية عاجله لاحدهم لسنوات طويلة ، مما يضاعف من نسبة الخطورة على حياته
وغالبا ما ترفض إدارة السجون نقل هؤلاء الأسرى الى المستشفيات خارج السجون، أو عرضهم على طبيب مختص للاطلاع على أوضاعهم الصحية بشكل دقيق، وكثيراً ما تقدم لهم فقط المسكنات والأدوية المنومة، و إجراء عمليات استئصال لبعض الأورام التي تظهر على أجسادهم دون رعاية تامة، ويتم نقلهم للسجون مباشرة بعد العملية الأمر الذى أدى في كثير من الأحيان الى إصاباتهم بتقرحات والتهابات حادة شكلت خطورة على حياتهم .
ومن أخطر حالات الأسرى المرضى في سجون الاحتلال:
الأسير "كمال نجيب أبووعر" من جنين، معتقل منذ 2003 ، محكوم بالسجن المؤبد ويعاني من مرض السرطان في الحلق والحنجرة، ومن تكسر في صفائح الدم وفقدان الوزن، وحالته الصحية تتدهور بشكل ملحوظ ، ويعاني آلاماً لا تطاق، و لم تقدم له إدارة السجون سوى عدة جلسات اشعاعية ولم تقدم أية أدوية أو جرعات علاجية متخصصة لمرضه.
الأسير معتصم طالب رداد من طولكرم معتقل منذ 2006 ، ومحكوم بالسجن الفعلي لمدة 20 عاماً، يعتبر من أخطر الحالات المرضية في سجون الاحتلال حيث أنه مصاب بمرض سرطان الأمعاء منذ سنوات، و يعانى من نزيف حاد في الأمعاء وصداع مستمر وارتفاع ضغط الدم, وعدم انتظام نبضات القلب.
والأسير يسري عطية المصري من قطاع غزة؛ اعتقل في 2003 ، و يقضى حكما بالسجن لمدة 20 عاماً، أمضى منها 17 عاماً متنقلا بين المستشفيات وعيادات السجون، يعاني من مرض السرطان في الكبد بشكل متقدم، إضافة الى إصابته بتضخم في الغدة الليمفاوية، كما يعاني من مشكلة في القلب و آلام في الصدر.
الأسير "منصور يوسف الشحاتيت" (36عاماً) من الخليل، معتقل منذ عام 2004 ، ومحكوم بالسجن لمدة 17 عاما، يعاني من ضيق التنفس، وعدم انتظام في دقات القلب، وفقدان الذاكرة؛ بسبب تعرضه للتعذيب القاسي .
الأسير المسن "موفق نايف عروق" ( 77 عاماً) من أراضي 48، معتقل منذ 17 عام، ومحكوم بالسجن لمدة 30 عاما، خضع لعملية جراحية، لاستئصال المعدة وورم سرطاني في الأمعاء، بعد استنفاد علاجه الكيماوي، ويصاب بوعكات صحية مستمرة .
الأسير "محمد خميس ابراش" من رام الله معتقل منذ 17 عاما، ويعتبر من الحالات المرضية الصعبة في سجون الاحتلال، يعاني من بتر في قدمه اليسرى، وانعدام في الرؤية، كما يعاني من تسارع في دقات القلب.
كذلك الأسير "إبراهيم نايف أبو مخ" (60 عاماً) من الداخل المحتل، وهو من الأسرى القدامى، ومعتقل منذ 34 عام، ومحكوم بالسجن المؤبد يعاني من مرض السرطان في الدم في مرحلة متقدمة وحالته الصحية خطرة.
الأسير "فؤاد الشوبكي " (81 عاماً)، تراجعت صحته بشكل كبير، ونقل إلى المستشفى أكثر من مرة، حيث يشتبه بإصابته بمرض السرطان، اضافة الى مجموعة من الأمراض منها الضغط والسكري ومشاكل في القلب والديسك .
و تنتهك سلطات السجون الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالرعاية الطبية والصحية للمعتقلين المرضى، وخاصة المادة (92) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه ( تجرى فحوص طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهريًّا، والغرض منها بصورة خاصة مراقبة الحالة الصحية والتغذوية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن كل شخص معتقل، وفحصا بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنوياً).