تحاول عائلة بشارات أن تواري قلقها الواضح على حياة ابنها الأسير المحرر محمد محمود بشارات من بلدة طمون قرب مدينة طوباس شمال الضفة المحتلة، فهو الآن في حالة صحية خطيرة تسبب بها الإهمال الطبي في سجون الاحتلال.
ولعل حالة بشارات ليست وحدها التي تدعو للقلق؛ فعشرات الأسرى الذين يفرج عنهم من سجون الاحتلال والذين يتعرضون للإهمال الطبي يعانون من حالة صحية متدهورة وبعضهم يفارق الحياة بعد الإفراج بأيام أو أشهر قليلة كما حدث مع الأسير المحرر خليل الشوامرة من الخليل وغيره كثيرون.
الخطر الداهم
الأسير بشارات اعتقل لمدة 17 عاما بتهمة مقاومة الاحتلال وأفرج عنه قبل عدة أشهر، ولكن قبل الإفراج عنه بستة أشهر تحديدا بدأ يعاني من حالة صحية متدهورة.
ويقول الناشط في شؤون الأسرى ومدير جمعية نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة لـ مكتب إعلام الأسرى إن بشارات بدأ يعاني من آلام غير محددة المصدر قبل أشهر من تحرره؛ وبعد مماطلة طويلة من إدارة السجون الصهيونية تم إجراء فحوصات عدة له ليتبين أنه مصاب بمرض السرطان.
ويوضح بأن إدارة السجون بدلا من إعطائه العلاج اللازم قدمت له المسكنات فقط ولم تكترث لحالته التي ازدادت خطورة مع كل يوم ولآلامه التي ازدادت حدتها وسط إهمال طبي واضح.
وبعد الإفراج عنه العام الماضي كان بشارات يكابد أوجاعه كما داخل الأسر؛ وعلى الفور تم إجراء الفحوصات اللازمة له في مراكز الأورام لتتبين إصابته بالسرطان في الغدد الليمفاوية؛ ثم بدأ يخضع للعلاج الكيماوي في مستشفى النجاح بمدينة نابلس.
ويؤكد بني عودة بأن المحرر حاول الخروج من ضيق المرض إلى فسحة الحياة فتزوج في ديسمبر الماضي؛ بينما ظهرت على جسده آثار العلاج الكيماوي مثل فقدان الشعر والضعف العام ولكنه كان متفائلا بالشفاء.
ولكن حال محمد تغيرت قبل عدة أيام حين دخل في غيبوبة وتم نقله إلى المستشفى؛ وخلال فحصه من جديد تبين أن لديه انسداد في الشريان المغذي للدماغ، وبسبب وضعه الصحي المتدهور لم يتمكن الأطباء من إعطائه دواء ثقيلا خشية حدوث نزيف داخلي بسبب العلاج الكيماوي.
ويشير بني عودة إلى أن حال المحرر بشارات تسبب بها الاحتلال لعشرات الأسرى المحررين والذين منهم من يزال يعاني المرض والألم بسبب سياسة الإهمال الطبي في السجون.
ويضيف:" الآن محمد يخضع للعلاج في المستشفى وممنوع من الزيارة كليا خشية على وضعه وهو يستفيق من الغيبوبة بين الحين والآخر؛ ولكنه في وضع صحي متدهور، وحتى عائلته لا يسمح لها بزيارته بسبب الأوضاع الاستثنائية التي نمر بها".
ويتحدث بني عودة عن حالات عديدة من الأسرى الذين يعانون المرض والقيد معا دون اكتراث الاحتلال بحالاتهم؛ فمثلا الأسير موفق عروق الذي يبلغ من العمر 77 عاما تم استبدال أمعائه بأمعاء بلاستيكية ولكن يرفض الاحتلال الإفراج عنه، وكذلك الأسير خالد الشاويش الذي تم بتر ساقيه ولا يقوى على فعل شيء ولكن الاحتلال يرفض الإفراج عنه.
ويتابع:" لولا إهمال الاحتلال الطبي لحالة محمد لما وصل لهذه المرحلة؛ فهذا اسمه اغتيال بطيء للمحررين الذين تفتك بهم السجون والأمراض".
جرح غائر
وفي هذا الملف المؤلم تندرج الكثير من عائلات المحررين التي عانت الكثير مع أبنائها من سجن إلى مرض، وبعضها من كان جرحه أكبر بوداع المحررين شهداء بسبب سياسة الإهمال الطبي الصهيونية.
ويقول والد الأسير المحرر الشهيد جعفر عوض من بلدة بيت أمر شمال الخليل لـ مكتب إعلام الأسرى إن نجله اعتقل وهو لا يعاني من أي مرض بل على العكس كان شابا رياضيا، ولكن بعد اعتقاله بدأ يعاني من الآلام المختلفة التي لم يجد لها علاجا أمام سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.
ويبين بأن الاحتلال ماطل كثيرا في ملف نجله الطبي حتى بدأ المرض ينهش جسده دون توقف؛ وبعد أن تدهور وضعه كثيرا أفرج الاحتلال عنه دون تقديم أي علاج سوى المسكنات التي لا تفيد بشيء.
ويشير إلى أن رحلة علاج معقدة اضطر نجله لخوضها بسبب إهمال الاحتلال الطبي؛ وبعدها ارتقى شهيدا بجسده النحيل الذي أرهقته زنازين الاحتلال وهو يشكو ظلمها لخالقه.