رام الله- مكتب إعلام الأسرى
كان تاريخا فارقا في حياة عائلة علقم؛ ففي لحظة ما شعرت أنها فقدت ابنها هيثم ذي الأعوام السبعة عشر والذي كان يحظى بمكانة خاصة بين أفرادها، ولكن الاحتلال يحب أن يمد يده الحاقدة ليزيد من قهر الفلسطينيين.
ففي الرابع من آذار/ مارس من عام ٢٠١٩ تجهزت العائلة لفتح بيت العزاء لنجلها، بعد أن نفذ جنود الاحتلال جريمة أطلقوا خلالها عشرات الرصاصات على مركبة هيثم وصديقيه أمير دراج ويوسف عنقاوي قرب قرية كفر نعمة غرب رام الله، لتختلط الدماء بمياه الأمطار التي هطلت غزيرا وكأنها تداوي جراحهم.
ويوضح شقيقه خالد لـ مكتب إعلام الأسرى أن جنود الاحتلال استهدفوا مركبة الشبان الثلاثة بالرصاص بعد أن انزلقت بفعل مياه الأمطار واصطدمت بآلية عسكرية، ليتهمهم بأنهم حاولوا تنفيذ عملية دهس فيكون الإعدام الميداني هو الرد المباشر.
ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن العائلة علمت أن المركبة تم إطلاق النار عليها واستشهاد من فيها فجرا؛ فكان البكاء هو سيد الموقف والتحضيرات لفتح بيت عزاء لهيثم في قريته صفا غرب رام الله، ولكن مع ساعات الظهر حضر رئيس المجاس القروي ليخبر والدته أنه على قيد الحياة ورهن الاعتقال.
لم تصدق الأم المسكينة ما سمعت فأغمي عليها وفقدت وعيها؛ فهي ظنت أن فلذة كبدها قد رحل شهيدا ولكن تبين أنه أسير لدى الاحتلال، لتمتزج فرحتها بقلقها البالغ عليه وعلى وضعه الصحي.
ويشير خالد إلى أن الأخبار عن شقيقه لم تتوفر بسرعة؛ حيث كل ما عرفوه أنه نقل للتحقيق، وبعد شهرين تمكنوا من رؤيته لأول مرة في إحدى جلسات محاكمته لتكون المفاجأة.
ويضيف:" لم يكن هو هيثم الذي أعرفه؛ كان شخصا بدا عليه التعب والإرهاق وأثر التعذيب وقلة النوم، حتى أنه لم يستجب لنداءاتنا في قاعة المحكمة وكان خائفا بشكل لافت، وهو ما أكد لنا أنه تعرض لتحقيق عنيف".
ويوضح بأن شقيقه كان أصيب برضوض وجروح خلال عملية الإعدام الممنهجة؛ وكانت هناك إصابة في رأسه لم يكترث لها الاحتلال، وعلى إثرها سقط أرضا في شهر رمضان الماضي وفقد وعيه ونقل إلى المستشفيات ليبقى في غيبوبة لأكثر من ١٤ يوما مكبلا بالسرير.
وبعد ذلك ذاق الأسير صنوفاً من الألم؛ حيث أجريت له عملية جراحية بزرع أنبوب يخرج السوائل من النخاع الشوكي ويبقى ملازما له، وما زال يعاني من الإصابة التي تسببت بدخول نقطة دم إلى الدماغ.
وعن ظروف التحقيق الذي استمر ٢٠ يوما يؤكد خالد بأن الاحتلال استغل صغر سن شقيقه وحالته الصحية والنفسية؛ وتعرض خلال ذلك للضرب والضغط النفسي والجسدي، وفوق ذلك أخفى الاحتلال عنه خبر استشهاد صديقيه، فقال له المحقق اعترف بكل شيء وسأدعك تراهما، وبعدها أحضره إلى ثلاجات الموتى ليريه وجهي صديقيه وهما شهيدان، فكانت صدمة أخرى يتعرض لها.
ويضيف:" كان شقيقي في المقعد الخلفي للمركبة ولم يره الجنود حين بدأوا بإطلاق النار عليها؛ ولو رأوه لكان استشهد كذلك لأن حجم الحقد الذي نفذه الجنود غير معقول".
وبطلب من محامي الأسير عقدت محكمة الاحتلال جلسة للنظر في ظروف التحقيق القاسية التي تعرض لها؛ ولكن المحققين نفوا كل ما فعلوه.
ويبين خالد بأن المحقق هدد هيثم بإلحاق الأذى بعائلته وبهدم منزله؛ كما أن الاحتلال اقتحم بيته بعد اعتقاله وعاث فسادا فيها وقام بتقييده وتركه في العراء.
ويشير إلى أن الاحتلال ما زال يرفض تسليم تسجيلات آلات التصوير في المكان يوم الجريمة أو تسجيلات صوتية لأجهزة الاتصال بين الجنود للتغطية على ما ارتكبوه.
وفوق كل ذلك ورغم مرور أكثر من عام على اعتقاله وإصابته يمنع الاحتلال عائلته من زيارته بحجة الرفض الأمني، فلا تراه إلا في جلسات المحاكمة لدقائق قليلة ممنوع عليها خلالها الحديث معه.
ويتابع:" هيثم هو آخر العنقود في منزلنا وهو طفلنا المدلل ومنذ اعتقاله اختفت الابتسامة من البيت وذهب كل شيء جميل، الله فقط يعلم كيف نمضي أيامنا وكيف أمضينا تلك الساعات حين ظننا أنه استشهد".