في مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله نشأ الشاب يعقوب مصطفى حسين (26 عاما) يريد أن يعيش حياة كبقية الشبان، ولكن الاحتلال لا يوفر ذلك باعتقالاته المستمرة لأي شاب بتهمة أو دون تهمة، فيبرع في وأد أحلام الفلسطينيين ووضع حد لها.
أربع مرات كان موعد يعقوب مع خفافيش الليل خلال السنوات القليلة الماضية، فلا يكاد يكمل أحد أحلامه حتى يتم اعتقاله من جديد وهكذا حتى طفح الكيل وأعلن إضرابه عن الطعام لكسر العزل الانفرادي الذي شكّل غصة فوق غصة.
الاعتقال
الشاب الأسير يعقوب كان يحلم قبل سجنه بالزواج والاستقرار وإصلاح بيت العائلة كي يعيش فيه، ولكن لكل شيء حد في ظل كيان غاصب يراقب حتى الأحلام والأمنيات.
ويقول والده لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال داهمت منزلهم في المخيم في الحادي والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي وقامت بخلع الأبواب وتحطيمها وعاث الجنود فسادا في المنزل، ثم طلبوا بطاقة هوية يعقوب وأبلغوا عائلته أنه رهن الاعتقال.
ولم تكد تمر أيام قليلة حتى حوّلت محكمة الاحتلال الأسير إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، وبالفعل بعد انتهائها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تم تجديدها لستة أشهر أخرى.
ولكن تجديد الاعتقال لم يكن هو وحده الذي ضيّق الخناق على يعقوب؛ فالاحتلال وبتاريخ الخامس عشر من أكتوبر قام بقمعه إلى زنازين العزل الانفرادي في سجن الرملة، ليزيد من أوجاع عائلته محاولا الضغط عليه وإهانته.
ويوضح الوالد بأن نبأ عزله كان مفاجئا بالنسبة للعائلة دون معرفة السبب، كما أن المحامي تمكن من زيارته مرة واحدة خلال هذه الفترة ليخبرهم بأن ظروف عزله سيئة وقاسية، وأن الاحتلال يتعمد مضايقته بين الحين والآخر.
ولأن الظلم لا يدوم أعلن يعقوب إضرابه عن الطعام في الثلاثين من أكتوبر رفضا لهذا القهر، فلم يجد سلاحا سوى أمعائه لتقاتل في وجه السجان الذي يحتجزه في ظروف عزل مقيتة فوق اعتقاله الإداري الظالم.
ويؤكد الوالد بأن يعقوب أضرب عن الطعام ولكن أخباره منقطعة عن العائلة فلا تدري عنه شيئا، مبينا بأنهم في انتظار زيارة أخرى للمحامي للتعرف على وضعه وظروف اعتقاله.
القلق الدائم
ومنذ عدة سنوات تعرض يعقوب للاعتقال أربع مرات بينها أحكام عادية وبينها اعتقالات إدارية أمضى خلالها أربعة أعوام.
ويشير والده إلى أن نجله حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من دار المعلمين في رام الله وسجل لدراسة الماجستير ولكن الاعتقال منعه من إكمال هذا الحلم، كما عقد قرانه وبعد ثلاثة أيام تم اعتقاله ليؤجل هذا الحلم بحسب مزاج مخابرات الاحتلال.
ويعمل يعقوب في التسويق كي يتمكن من إصلاح منزل عائلته القديم ويسكن فيه مع زوجته مستقبلا، ولكن الاعتقال في قاموس الفلسطينيين يعني حياة مع وقف التنفيذ.
ويصف الأب هذه الفترة بأنها الأصعب منذ اعتقال نجله لأنها جمعا بين الإضراب والعزل الانفرادي سيء الذكر، مبينا بأن والدته تعيش كذلك قلقا مستمرا على حال نجلها ولا تكاد العائلة تمر بلحظة فرح واحدة منذ اعتقاله.
ويضيف:" نشعر بالقلق طبعا على يعقوب رغم أن الإضراب هو السلاح الوحيد في وجه الظلم، ولكننا كوالدين لا نستطيع كبح قلوبنا التي تتألم لأجله، ونسأل الله تعالى أن يفرج عنه وعن كل الأسرى".