حين كان الأسير المحرر عبد الناصر الرابي(48عاماً) من سكان مدينة قلقيلية، يتحضر لنيل حريته، لم يعلم أن خروجه من السجن لا يعني تحرره بالكامل من ممارسات الاحتلال العنجهية بحقه، فحين قرر أن يحصل على علاجٍ لمرض السرطان الذي يعاني منه، رفض الاحتلال منحه تصريحاً أمنياً لدخول القدس.
يعلم المحرر الرابي أن قرار الاحتلال هذا بحقه يعني تصفيته بطريقةٍ أو بأخرى فحرمانه من حقه في الحياة لم يتحقق لهم حين اعتقاله ليلاحقوا حياته حتى بعد الاعتقال، يقول المحرر الرابي، في حديثٍ لمكتب إعلام الأسرى" هل هو قرار للتصفية غير المباشرة؟ أسأل نفسي باستمرار هل هذا هو الهدف من رفض إعطائي تصريحاً أمنيا ً للعلاج في مستشفى المطلع بالقدس؟".
يضيف الرابي" رغم علم الاحتلال أنه لا يوجد علاج بديل لي في الضفة، الاحتلال ماطل في علاجي عشره أشهر داخل المعتقل وثلاثة أشهر ونصف بعد الإفراج عني، ولا زال يستمر في رفض إعطائي تصريح أمني، ولا زال الحظر سارياً والطلب الأخير لإصدار تصريح كان بتاريخ الثامن من الشهر الجاري، وتم تكراره أكثر من مرة، وقد أرفقت معه تقارير طبية عن خطورة حالتي والذي قد يفاقم تأخير علاجي منها".
ثلاثون جلسة خضع لها المحرر الرابي خلال رحلة علاجه ولا زال ينتظر، يقول" لقد خضت ثلاثين جلسةً بالشعاع، وخضعت لجلسات كيماوي يجب أخذها بشكل عاجل، وذلك خلال شهر ونصف قبل إجراء عملية استئصال الورم، وأي تأخير سيؤدي إلى تدهور الحالة الصحية لي".
يعلم الرابي أن هذه سياسة معتمدة من الاحتلال، وهي الانتقام من الأسرى داخل السجون وبعد التحرر من الأسر، يقول" سياسة الانتقام لا تتوقف وفاتورة الحساب مع الأسرى والمحررين مستمرة، فمخابرات الاحتلال تتبع سياسة القتل البطيء للأسرى، وحالتي الصحية شاهدة على هذه السياسة".
المحرر الرابي وخلال اعتقاله إدارياً لمدة 22 شهراً في اعتقاله الأخير تعرض لمماطلة متعمدة بشهادة أطباء السجن أنفسهم وبطلب من المخابرات الإسرائيلية في علاجه، يستذكر ذلك ويقول" حتى أنهم رفضوا علاجي كوني متهم لديهم بأنني عضو في حركة حماس، وقد أثبت هذا التمييز من خلال وثائق حصلت عليها من داخل الأسر وأخرجتها معي عند الإفراج عني في الثامن عشر من تموز الماضي".
كل الطرق ضاقت وأغلقت أمام المحرر الرابي، الأطباء يطلبون منه تجهيز نفسه للعلاج، والاحتلال يحظر عليه الدخول للقدس، لذلك يطالب الرابي بحقه من كل المؤسسات من أجل التدخل لمساعدته في الحصول على التصريح، وهو الأسير الذي أمضى في سجون الاحتلال قرابة العشر سنوات، يعاني من إصابة في بداية التسعينيات برصاص جنود الاحتلال، ومازال الاحتلال يواصل تعذيبه.
وزير الأسرى السابق المحرر المهندس وصفي قبها علّق عل الموضوع فقال" ما يعانيه المحرر عبد الناصر الرابي هو نموذج لمعاناة المحررين، فكل المحررين من السجون يمنعون من السفر للخارج بهدف العلاج أو دخول القدس، وهذا الإجراء الأمني العنصري يتخذ من أعلى المستويات في دولة الاحتلال ويتم شرعنته بقوانين عسكرية عنصرية من خلال المحاكم العسكرية، ويستمر الحظر من السفر بهدف العلاج سنوات طويلة وفي بعض الحالات النادرة يتم السماح بشروط للسفر بهدف العلاج".
ويؤكد قبها على أنه لابد من طرق جدران الخزان، فيقول" يجب إجبار دولة الاحتلال على السماح للمحررين بالعلاج، فهذا الإجراء جريمة حرب بامتياز، وعلى المؤسسات الدولية فتح تحقيق جدي في هذا الموضوع، فهناك حاجة ملحة كي يسمح للمحررين الذين زرع الأسر والسجان في سجون الاحتلال المرض في أجسادهم ويحتاجون للعلاج، وإدارة السجون ترفض منح الأسرى المرضى نسخاً عن ملفاتهم الطبية وهذا الأمر يزيد من خطورة أوضاعهم الصحية بعد التحرر، حيث يتم إخفاء ما تم التعامل معهم طبياً داخل السجون والتجارب الطبية التي خضع لها الأسير المريض".