الأسير عاهد أبو غلمة.. عزلة وقمع وحرمان من أبسط الحقوق داخل "جلبوع"
تقرير/ إعلام الأسرى

منذ سنواتٍ طويلة لا يمكن لأحدٍ معرفة تفاصيلها بدقّة، تقف وفاء أبو غلمة كصخرةٍ شامخة خلف زوجها، في الوقت الذي يصارع فيه ظلمة السجّان والقمع والاعتداءات الممنهجة بحقه وبحق الأسرى وبحق رمزيته، فيما تصارع هي على الطرف الآخر زياراتِ المحامين، ومحاولاتِ إيصال الأخبار إليه والحصول على أخباره، في ظلّ تعنّت إدارة السجون في تقديم العلاج اللازم له جرّاء الأمراض التي لحقت به خلال سنوات اعتقاله.

ورغم سنوات التعب والصبر والجلَد، تستمر حياتهما على إيقاع الانتظار والثبات.

يعرض مكتب إعلام الأسرى آخر المستجدات المتعلقة بالأسير القائد عاهد يوسف أبو غلمة (57 عامًا) من بلدة بيت فوريك، قضاء نابلس، في ظل مواصلة إدارة السجون سياسة التجويع والإهمال الطبي بحق الأسرى، وتصعيد الاعتداءات بحق رموز الحركة الأسيرة، والتي بلغت ذروتها في أعقاب حرب السابع من أكتوبر. ويأتي هذا التقرير ضمن سلسلةٍ ينشرها المكتب لتسليط الضوء على أوضاع الأسرى أصحاب الأحكام المؤبدة، ووضع أبناء شعبهم في صورة معاناتهم وما يتعرضون له داخل سجون الاحتلال.

تؤكد زوجة الأسير عاهد أبو غلمة أنها تتابع أخباره عبر الأسرى المحررين الخارجين من سجن جلبوع حيث يُحتجز، وعبر زيارات المحامين، غير أنها تشير إلى أنه خلال الشهرين الأخيرين أصبح عدد الأسرى الذين ينالون حريتهم من جلبوع قليلًا جدًا، كما أصبحت زيارات المحامين شحيحة بسبب أعياد الاحتلال التي تتأثر بها المحاكم وإجراءات الإفراج والزيارات.

قبل أيام، حصلت زوجة الأسير أبو غلمة على أخبارٍ جديدة عنه عبر أسيرٍ محرر كان في قسمه ذاته، وأفاد في شهادته بأن أوضاع الأسرى في سجن جلبوع سيئة جدًا. أمّا فيما يتعلق بزوجها القائد عاهد أبو غلمة، فقد أكد لها أنه لا يزال محرومًا من العلاج، وأنّ المرض الجلدي المنتشر بين الأسرى (السكابيوس) قد عاد إليه بعد أن تعافى منه سابقًا، مضيفًا معاناة جديدة إلى سلسلة أمراضه، دون أن تقدم له إدارة السجون أي علاج.

تؤكد زوجة الأسير أن القمع في سجن جلبوع ما زال مستمرًا، وفقًا لما نقله الأسير المحرر من ذات القسم، حيث تقتحم قوات السجن غرف الأسرى بشكلٍ متكرر وتقوم بقمعهم. فيما تجاهد هي للحصول على تصريح لزيارة محامٍ له، غير أنّ زيارات شهرَي سبتمبر وأكتوبر غير متوفرة حتى انقضاء أعياد الاحتلال، ما يترك فجوةً معلوماتية بين الأسرى وذويهم.

الأسير عاهد أبو غلمة اعتُقل بتاريخ 14/3/2006 برفقة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، وذلك من داخل سجن أريحا، بعد نحو أربع سنواتٍ من اعتقاله الأول من نابلس ونقله إلى رام الله ثم أريحا. ومنذ ما يزيد على عقدين من الزمن لا يزال يقبع في سجون الاحتلال لقاء نضاله من أجل حرية شعبه وكرامتهم.

تعرّض لعزلٍ انفرادي دام ثلاث سنوات، ويقاسي حكمًا بالسجن المؤبد إضافة إلى خمس سنوات أخرى، وفي عام 2022 أُضيف إلى حكمه أثناء اعتقاله 26 شهرًا إضافيًا.

يُعدّ أحد أبرز قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد اتهمه الاحتلال بالضلوع في تنفيذ عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001، وهي عملية نوعية جاءت ردًا على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.

تعرض الأسير عاهد أبو غلمة، نظرًا لرمزيته، لاعتداءاتٍ وضربٍ ممنهج، ونُقل بين السجون مرارًا، وعانى من إهمالٍ طبي متعمّد ومن أمراضٍ عدّة. وأكدت زوجته أنه يعاني من نوبات الشقيقة التي تصيبه بين الحين والآخر، وهو مرض يحتاج صاحبه إلى بيئةٍ هادئة، وهو ما يفتقر إليه الأسرى في سجن جلبوع في ظل استمرار القمع.

وتوضح العائلة أنّه تعرض خلال نقله من سجن عوفر إلى سجن جلبوع للضرب والتعذيب، ما تسبب له بكسورٍ في منطقة الصدر دون أن يتلقى علاجًا مناسبًا. كما تعرّض سابقًا لضربٍ قاسٍ أُصيب إثره بخلعٍ في كتفه. أحد الأسرى المحررين الذين التقوه في "البوسطة" أكد لعائلته أنه رآه في وضعٍ سيئ، إذ كانت يده مزرقة ومتورمة بالكامل، ما دفع عائلته إلى المطالبة بنقله للعلاج، وبعد ضغطٍ كبير نُقل إلى مستشفى العفولة وأُعطي مضادًا حيويًا، ثم أُعيد إلى سجنه في اليوم ذاته.

يواصل الاحتلال تهديد الأسير عاهد أبو غلمة بأنه حتى إن نال حريته فسيُعاد اعتقاله مجددًا.

الأسير أبو غلمة إنسان يستحق الحياة والحرية، لديه قيس وريتا؛ كان قيس في الثامنة من عمره حين اعتُقل، بينما كانت ريتا في الرابعة. وله زوجة تأمل فجر حريته القريب، وحياة ينتظر أن يعيشها بفكره المثقف ومستواه الأكاديمي، فهو حاصل على بكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت، وماجستير في الدراسات الإسرائيلية.

تترقب عائلته، كما جميع عائلات الأسرى، فجر الحرية، وتأمل أن يكون قريبًا

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020