بين ثنايا الوطن السليب وعلى حكايات فلسطين الجريحة وأحلام العودة التي ترفرف في قلب كل ابن من أبنائها؛ نشأ الشاب ثائر اللوزي (28 عاما) لعائلة فلسطينية تقيم في الأردن؛ الشق الثاني الذي احتضن أمنيات شعب مقهور واستقبلهم بصدر رحب وعاش معهم آمالهم بالعودة يوما بعد يوم.
ولكن ثائر اسم على مسمى وقلبه لم يترك التفكير بوطنه وقرية عائلته "خربة اللوز" قرب القدس؛ وحين اقترب من محتليه وجها لوجه كانت ثورته الفردية ليصيب جنديين صهيونيين ويُعتقل وما زال موقوفا بانتظار حكم جائر.
وتقول والدته لـ مكتب إعلام الأسرى إن نجلها متزوج ولديه طفلان أكبرهم يبلغ من العمر ثلاثة أعوام، وكان يبحث عن عمل في منطقة العقبة المجاورة لمدينة أم الرشراش المحتلة عام 1948، وحين توجه هناك نفذ عمليته التي اعتقل بعدها.
وتوضح بأن العائلة ظنت أنه متوجه للعقبة ولكنه كما يبدو تمكن من الوصول إلى "إيلات" وهناك وفي تاريخ الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2018 رصد اثنين من ضباط البحرية الصهيونية وضربهما بواسطة مطرقة حديدية ما سبب لهما إصابات ما بين متوسطة وخطيرة.
وتبين الوالدة بأنه على الفور تجمع في المكان جنود ومستوطنون؛ وانهالوا عليه بالضرب المبرح ما أدى إلى إصابته بجروح موجعة إلى درجة إصابة يده بما يشبه الشلل، كما تم استهدافه بالضرب على رأسه بشكل متكرر، لافتة إلى أنها علمت لاحقا أنه لم يرجد مكان في جسده إلا ونزف دماً.
وتشير إلى أن نجلها بعد اعتقاله بقي عشرة أيام قيد التحقيق الذي تخلله تعذيب وضرب وشتائم، حيث عانى من إصابات بعضها ما زال أثره إلى الآن في ظل إهمال طبي يعرفه كل من عاش تجربة الأسر المريرة.
وتضيف:" ثائر حنون جدا وهو هادئ الطباع وكانت له بصمة خاصة في صناعة أجواء فرح في العائلة، وكل من عرفه يفتقده لأنه صاحب ابتسامة وأخلاق عالية ويحب الجميع".
ولم تتوقف حكاية العائلة عند هذا الحد؛ بل وبعد العملية تم اعتقال شقيقه وعدد من أقربائه لدى أجهزة الأمن الأردنية وما زالوا إلى الآن موقوفين بانتظار المحكمة بتهمة "استخدام العنف ضد إسرائيل" رغم أنهم لم يخرجوا من الأردن أبدا.
حقوق مهدورة
ويتعرض الأسير كما غيره من الأسرى الأردنيين لانتهاك حقوق واضح خلال اعتقاله؛ فعائلته محرومة من الزيارة ولا تعرف أخباره إلا عن طريق أهالي أسرى آخرين ينقلون لها السلام والتحيات.
وتقول والدته إنهم محرومون من الزيارة دون سبب ولا يوجد أفق في هذا المجال خلال الفترة القادمة لأن الاحتلال يتعمد إهانة الأسرى الأردنيين.
وتتابع:" منع الزيارة يؤثر علينا جدا لأننا مشتاقون لرؤيته وهذا أبسط حق لنا؛ كما أن إدخال الملابس والحاجيان الخاصة له لا نتمكن منه ويقوم بعض أهالي الأسرى مشكورين بذلك لأنهم يعلمون معنى الأسر وعدم وجود زيارات".
وما زال الأسير موقوفا يماطل الاحتلال في محاكمته؛ بينما تتوقع العائلة أن لا يقل حكمه عن 20 عاما حسب الجلسات والمرافعات التي تتم في محاكم الظلم الصهيوني.
ويقبع في سجون الاحتلال 22 أسيرا أردنيا بين أحكام مؤبدة وإدارية، ويمعن الاحتلال في انتقاص حقوقهم تعمداً لإهانتهم ولكنهم وضعوا بوصلتهم صوب القدس وكل فلسطين فلم يضرهم قيد ولا تنكيل.