كشفت حالة التدهور السريع في صحة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سامر عربيد، حجم الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها الأسير الفلسطيني خلال التحقيق العسكري.
ويرقد الأسير عربيد (44 عاما) من سكان رام الله الذي اعتقل مطلع الأسبوع، في مستشفى "هداسا عين كارم" الإسرائيلي في وضع صحي خطير للغاية، بسبب تعرضه للتعذيب أثناء التحقيق على يد عناصر جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، بعد حصوله على "تصريح قضائي".
ويتهم الاحتلال الإسرائيلي الأسير عربيد، بقيادة الخلية الفلسطينية التي نفذ عملية "دوليب" قبل نحو شهر، وأدت لمقتل مستوطنة إسرائيلية.
وأوضح المتحدث باسم مكتب إعلام الأسرى، علي المغربي، أن "الأسير عربيد يعاني من عدة كسور داخلية، ومشاكل في الكلى، ونزيف داخلي في الرئتين، كما أنه تعرض للضرب في كافة أنحاء الجسد؛ وكل هذا يدل على حجم الجريمة التي ارتكبت بحقه، من أجل انتزاع المعلومات".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "الجريمة الإسرائيلية بحق الأسرى مستمرة، وبالأساس؛ لماذا تم اتخاذ قرار قضائي بالتحقيق العسكري؟"، مرجحا وجود "نية مبيتة لدى الاحتلال تجاه الأسير عربيد".
ونوه إلى أن "الجهات الإسرائيلية المختلفة التي تتعامل مع الأسرى؛ من مثل سلطات السجون و"الشاباك" وإدارة المستشفيات، تحاول دوما التنصل من مسؤوليتها في تعذيب الأسرى، والضحية دوما هو الفلسطيني"، لافتا إلى أن "الرعاية الطبية الإسرائيلية الخاصة بالأسرى، شكلية وسيئة وليست مهنية".
ورجح المغربي الذي أفرج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، استخدام الاحتلال للعديد من "أساليب وطرق التحقيق الوحشية مع الأسير عربيد".
"السيارة والمفك"
ومن بين تلك الأساليب، ما يعرف بأسلوب "السيارة"؛ يتم إجلاس الأسير على كرسي منخفض، وفي مقابلة يجلس المحقق الإسرائيلي على كرسي مرتفع ويضع قدمه على خصيتيه، ويتم توجيه الأسئلة للأسير، ومن فترة لأخرى يقوم بالضغط عليهما بقدمه، ما يتسبب بألم شديد للأسير".
وذكر المغربي، أن عناصر "الشاباك"، يستخدمون "أسلوب الكرسي أيضا؛ يتم وضع الأسير على كرسي صغير بلا ظهر، مع ربط اليدين بالرجلين، وبطريقة عكسية يتم ثني ظهر الأسير في الجهة المعاكسة ويجلس المحقق فوق صدر الأسير، ويقوم بضربه بآلة حادة، والضرب المباشر على منطقة الجبهة، التي تفقد الأسير وعيه ويبدأ معها الكلام".
وبين أن "الأسير خلال التحقيق العسكري يتم تدميره خلال 24 ساعة"، منوها أن "التحقيق العسكري كان يمارس في السابق بشكل كبير جدا، حتى حصلت ضجة داخلية لدى الاحتلال عام 1998، ونتج عنها صدور قرار يعتبر التحقيق العسكري استثناء وليس أصلا، وممارسته تحتاج لإذن أو تصريح من القضاء الإسرائيلي".
"جريمة مركبة"
واعتبر المتحدث باسم مكتب إعلام الأسرى، أنه "بمجرد منح المحقق الإسرائيلي الإذن القضائي لممارسة التحقيق العسكري، فهو ضوء أخضر ونقطة البداية لممارسة جريمة مركبة بحق الأسير، وتصريح رسمي لممارسة القتل وانتزاع الروح شيئا فشيئا".
ومن بين الأسرى الذين تعرضوا للتعذيب الوحشي خلال التحقيق العسكري الإسرائيلي وهم كثر، ذكر المغربي، أن "الأسير الشهيد عبد الصمد حريزات الذي ارتقى في العام 1995 تم ثقب صدره بمفك"، وهناك أيضا أسير لبناني تم اغتصابه من قبل ضباط المخابرات".
ولفت إلى أن "المحقق الإسرائيلي خلال التحقيق العسكري، تنعدم عنده الآدمية، ويصبح مثل الوحش يريد أن ينتزع أي معلومة من الأسير الذي إن قدر له أن يخرج من التحقيق، لا يخرج إلا بعاهة"، واصفا الأسلوب الإسرائيلي بـ"أسلوب العصابات ولكن بغطاء قانوني، حيث يتناوب عدد من الضباط في التحقيق العسكري مع الأسير".
"وحشي وشرس"
من جانبه، أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "التعذيب لدى إسرائيل قائم؛ وهو وحشي وشرس، وعندما يجري الحديث عن شيء خاص مثلما جرى مع الأسير عربيد، فنحن نتحدث عن زيادة في التعذيب عن التعذيب الوحشي واللاإنساني القائم بحق الأسرى والمعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب".
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "بسبب كثرة التعذيب وعمل منظمات حقوق الإنسان، بدأت فرق الكفاح ضد التعذيب بالعمل، وتوجد جمعية النضال ضد التعذيب، وهذه الهيئات تقوم بنشاط جدي، تسبب في سن قانون يمنع التعذيب بهذا المستوى، إلا إذا كان هناك إذن قضائي إسرائيلي خاص".
وتابع: "في إسرائيل يقولون، إن هذا المعتقل يشكل خطرا فوريا؛ بمعنى أن لديه خلايا تعمل تحت سيادته، والآن يريدون تنفيذ عمليات في أماكن أخرى، ويجب أن نأخذ منه المعلومات قبل أن يتمكنوا من ذلك، وهذا بالنسبة لهم وضع خاص وخارق يحتاج إلى إذن خاص لزيادة التعذيب، كي يستطيعوا الحصول على المعلومات".
وأضاف: "هذه هي الحجة القانونية بالنسبة لهم، التي استخدموها مع الأسير عربيد، الذي يوجد في حالة صحية حرجة جدا"، منوها أن "التعذيب استخدم من أبشع وأسوأ الأنظمة في التاريخ، وهذا المستوى من التعذيب لا يكفي لهذه الأنظمة، فتقوم بزيادة العيار".
وبين الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن الأسير خلال هذا التحقيق يتعرض للعديد من صنوف العذاب بطرق مختلفة، منها إجلاس المعتقل على كرسي قصير غير مريح لفترة طويلة، وفي مرحلة ما يرشون عليه الماء البارد والساخن وحتى الآسن، إضافة للصفع والشتائم".
ولفت أنه "من أجل زيادة العيار في الوحشية، يستخدمون طرقا أخرى للإيلام، مثل الضرب بشدة على عدد من أعضاء الجسد التي لا تظهر عليها علامات من الخارج، ولكنها من الداخل تهشم وتحطم، وهو ما يؤدي إلى خطر على حياة الأسير، وقد تيؤدي إلى الوفاة".