تدلل تفاصيل رحلة أصغر أسير محرر من سجون الاحتلال، على جريمة حرب ترتكبها إدارة السجون بحق الأسرى الأطفال بشكل خاص، خلال التحقيق معهم، وإجبارهم على الاعتراف من خلال خداعهم وتهديدهم، ووقف عمل الكاميرات عند ضرب المحققين لهم.
المحرر شادي فراح (16 عاماً) من سكان حي سيراميس، شمال القدس المحتلة، اعتقل بتاريخ 29122015، عقب انتهاء دوامه المدرسي؛ بزعم نيته تنفيذ عملية طعن؛ لوجود سكين يستخدم لتقطيع الفواكه مع أحد أصدقائه.
جمعية مساءلة العنف ضد الأطفال، كشفت تفاصيل رحلة الألم في اعتقال الطفل شادي عبر عرض فيلم وثائقي أعدته ومدته 34 دقيقة، وقد تضمن تفاصيل حرمانه من حقه في التحقيق بوجود أحد أفراد عائلته، واستخدام الكهرباء عليه قبل اعتقاله.
تفاصيل الاعتقال
الطفل فراح يروي تفاصيل ما جرى له في الاعتقال في حديثه لمكتب إعلام الأسرى، ويقول" كنت مع صديقي أحمد الزعتري، وفجأة أحاط بنا المستوطنون، ثم جاءت الشرطة ووحدات اليسام وخلعوا ملابسنا، وقيدوا أرجلنا وأيدينا، وعصبوا عيوننا، واعتقلونا بعدما ضربونا، وعند وصولنا مركز تحقيق المسكوبية، سيء الصيت والسمعة، حاولوا الضغط علينا لنعترف بأننا نريد تنفيذ عملية طعن بعد العثور على سكين في حقيبة أحمد، لكنني رفضت ذلك، فقد كانت سكيناً صغيرة من أجل تقطيع الفواكه في المدرسة.
المحرر فراح أفاد بأنه وخلال التحقيق معه حاول طاقم المحققين توريطه بالكلام، يقول" في آخر يوم من التحقيق، حاولوا خداعي بأن موعد الإفراج ذلك اليوم، ليتبين لاحقاً أنهم قرروا اعتقالي في مركز إصلاح بدلاً من الإفراج عني".
بداية العذاب
في مركز طمرة للأحداث في أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، كانت بداية الطفل شادي فراح، فهناك كان اختلاطه بين الأسرى الأمنيين والسجناء الجنائيين، وأصبحت ظروف اعتقاله سيئة.
يروي فراح تفاصيل تلك الأيام، ويقول" الغرف هناك لا تصلح للعيش، وكنا نعيش جواً من الرعب والخوف من السجناء الجنائيين ومن السجانين الذين كانوا يعطوننا أدوية مهدئة، ويجبروننا على تناولها، ويهددونا إذا لم نتناولها، سيتم زيادة حكمنا بسبب ذلك، وكنا نستجيب كي نتخلص من السجن، ونكون بين أحضان عائلاتنا".
يضيف فراح" تعرضت للعزل الانفرادي لمدة أربعة أشهر في غرفة، وكنت لا أنام، وكانت هذه الفترة بالنسبة لي جحيماً وكابوساً مرعباً".
يقدم الطفل فراح نصيحة هي خلاصة تجربته في الاعتقال، ويقول" نصيحتي للأطفال الذين يتم اعتقالهم هي التزام الصمت عند المحققين إلا بوجود أحد أفراد العائلة، فاللحظات الأولى من الاعتقال تحدد مصير الطفل المعتقل، والشواهد على ذلك كثيرة، فالمحقق يريد أن ينتزع عند صدمة الاعتقال الأولى الاعتراف من الطفل المعتقل، ومن ثم يصدر الحكم الجائر بحقه".
أم شادي
فريهان دراغمة، والدة المحرر الطفل شادي فراح، ذاقت وجع اعتقال ابنها البكر، وقد منعها الاحتلال من حق رؤيته عند اللحظات الأولى من اعتقاله، وفي اليوم التالي شاهدته بملابس السجن وهي مبللة بالماء وكان يعاني برداً شديداً، ومنعوها أن تحتضنه وهو طفلها ابن الثلاثة عشر عاماً آنذاك".
تقول أم شادي حول تفاصيل تجربة ابنها الاعتقالية" المحققون صمموا على إدانة ابني الطفل شادي، من خلال التوقيع على أوراق باللغة العبرية، وقد رفض التوقيع، وبعدها حاولوا اتهامي بأنني أرسلته لينفذ عملية طعن وهذا افتراء وكذب، وفي المحكمة رفضت المدعية العامة الإفراج عن ابني بزعم أن من يخطط اليوم ينفذ غداً، واستجاب قاضي المحكمة لمطالب المدعية العسكرية، وصدر الحكم بحق شادي بالسجن مدة ثلاث سنوات".
تختم أم شادي حديثها بالقول" حياة ابني في مركز طمرة كانت مليئة بالخوف والرعب، وقد شاهد طفلاً تعرض للاغتصاب، وشاهد أحد السجناء يموت أمامه بزعم أنه تعرض لجلطة، وغيرها من المشاهد التي تقشعر لها الأبدان".